ربما في يوم من الأيام التي تسبح في علم الغيب سأكون أماً، حينها سأظل أعد الساعات والأيام، حتى يكبر طفلي بسرعة.. سأرضعه من صدري حب العالم وحسن الظن به.. وسأسقيه حليب نيدو وليصير من «جيز الأجيال».. كلما جاء موسم الوظائف وصارت الخدمة المدنية حديث الساعة، وبحثت عن اسمي في تفاصيل الصحف حتى أعجز، وتتداخل الحروف والكلمات.. حينها لا أجد أمامي سوى الهروب إلى حلم الأمومة، وإلى الطفل الذي سيمنحني ذلك الإحساس.. أسبح في حلمي بحرية لا حدود لها.. حتى تعترضني تلك العقبة التي لا تؤرق يقظتي بل حتى أحلامي.. ولا أجد أمامها سوى الرجوع خائبة إلى الواقع.. تعرفون ما هذه العقبة؟ التعليم في وطني.. نعم وطني الذي سأرضعه طفلي حتى يضخه قلبه الصغير. كم أود أن أعرف هل حقاً يعرف المسؤولون في وطني أن التعليم هو حجر الأساس في البناء والتنمية والتقدم الذي «تلعصه» صحفنا ومؤتمراتنا وحواراتنا.. هل يعرفون أن الوطن هو التعليم تماماً كما هو العكس صحيح..؟؟ أي لعنة أصابتنا حتى قبلنا بهكذا مناهج وبهكذا مخرجات؟ ماذا تُعَلم مناهجنا.. إن أمي تخيط الثوب بالإبرة، أو إن البناّء يبني السور..!! ما هي القيمة الأخلاقية والتربوية التي غرستها وتغرسها مثل هذه العبارات البلهاء القاتلة!؟ إن هذه المناهج تحتاج إلى برامج مكملة، برامج لا بد أن تفرضها وزارة التربية والتعليم على المدارس سواء أكانت حكومية أم أهلية، برامج تصنع «بني آدم مش ببغاوات أو ثيران مصارعة». كما تفرض الوزارة ذاتها نصاب حصص كل مادة، وكما تفرض خطة جهنمية، يجب أن يلتزم المعلم بها كي يكمل المنهج تلاميذه..!! لا بد أن تكون هناك برامج تزرع الأخلاق وتؤسس للمبادى الصحيحة. إن المشاكل الأخلاقية التي تفوح من المدارس تدل على عفونة التعليم والتربية الحاصلة! فمن الزواج العرفي إلى الشذوذ الجنسي، إلى تبادل أفلام «سكس» إلى... إلخ. إلى أين سأذهب بطفلي في المستقبل وفي أي مدرسة يجب أن يتعلم.. وكيف أخترع له منهجاً يلم بكل جوانبه ويبني شخصيته.. ويشبع رغبتي في أن أكون أم إنسان سوي وفاعل؟ فقط أسأل: هل تعلم الوزارة بكل هذه المشاكل.. وهل فصل التلاميذ أو التلميذات من المدارس بسبب ممارسة تلك الأخلاق يعني حلاً للمشكلة وتنقية لأجواء المدارس التي يفترض بها النقاء؟!. أليس من الواجب معرفة الأسباب والحفر حتى نصل إلى الجذور لقلعها والخلاص من المشكلة إلى الأبد؟!. هل أوفينا التعليم وأبناءنا حقهم حين أكمل المعلم المنهج، وحل التلاميذ الواجبات ونجحوا إلى الصفوف العليا.. ثم رفدنا بهم الجامعات..؟! ثم أين أذهب أنا بطفلي ليكتمل الحلم؟!.