قد يكون من حق الاخوة في أحزاب اللقاء المشترك ومن حق غيرهم من الأحزاب الأخرى أن يشاركوا في مراجعة وتعديل جداول الناخبين، وقد يكون من حقهم ومن حق غيرهم أن يختاروا المقاطعة المعلنة أو المشاركة أو المقاطعة المعلنة والمشاركة الصامتة وغير المعلنة إذا اقتضت مصالحهم المعبرة عن حساباتهم السياسية سواءً كانت وليدة ما لديهم من الاستراتيجيات أو التكتيكات الموجبة للوضوح والمناورة الغامضة وغير الواضحة.. لكن المؤكد أن عملية الإخراج للمواقف السياسية المعقولة والمقبولة محكومة بالأساليب الديمقراطية ذات الطابع السلمي التي تنسجم ظاهراً وباطناً مع المنظومة الدستورية والقانونية الحاكمة والمنظمة للتعدد والتنوع الهادف إلى تحقيق التداول السلمي للسلطة من خلال الشرعية الانتخابية. أما أن تتجاوز ذلك إلى التحريض على العنف والاعتداء على اللجان التربوية المناط بها مراجعة وتعديل جداول الناخبين لأسباب سياسية وحسابات مسبقة فذلك هو الخطأ الذي يتحول إلى خطر.. والخطر الذي يتضرر منه جميع المتنافسين حزبيين كانوا أو مستقلين نظراً لما قد يترتب عليه من إراقة للدماء وإزهاق للأرواح وتدمير للخيرات والإمكانيات ونهب وسلب للأموال والممتلكات العامة والخاصة بصورة لا تتفق مع ما تهدف إليه الديمقراطية من التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية والأمنية التي ولدت في حضن الجمهورية والوحدة اليمنية كأحد أهم المنجزات التاريخية العظيمة للثورة اليمنية. ومعنى ذلك أن التنافس على ثقة الهيئة الناخبة صاحبة المصلحة الحقيقية في الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والتنمية الحضارية الدائمة والمستمرة، يعكس في ماهيته الانتخابية المشروعة طبيعته الثقافية الوطنية الديمقراطية المكتسبة. أقول ذلك وأنا على يقين بأن الأغلبية الساحقة من الهيئة الانتخابية الناضجة تستهجن التحريض على استخدام العنف ضد اللجان الأساسية واللجان الفرعية من قبل أحزاب وتنظيمات سياسية، وتعتبره عملاً فوضوياً أقرب إلى الثقافة الهمجية المتخلفة الممقوتة وغير المشروعة لا تتفق مع الأساليب السلمية المكفولة للتعبير عن الرأي؛ تماماً كذلك الذي حدث ويحدث في 4% من مراكز اللجان الفرعية البالغة (5620) مركزاً في الدائرة (77) في حبيل جبر محافظة لحج وفي عشرة مراكز من الدائرة (295) وفي عشرة مراكز من الدائرة (296) وفي عشرة مراكز من الدائرة (297) محافظة الضالع؛ ومن قبل عناصر مسلحة محسوبة على أحزاب اللقاء المشترك التي ما برحت تملأ الدنيا ضجيجاً في تمسكها بالأساليب السلمية في مطالبتها بحرية ونزاهة العملية الانتخابية الذي يتنافى مع ما ورد في النداء الذي توجهت فيه إلى جماهير الشعب الذي دعت فيه إلى مقاطعة عملية القيد والتسجيل المناطة باللجان الإشرافية واللجان الأساسية والفرعية المعينة من قطاع التربية والتعليم التي تقوم بمراجعة وتعديل جداول الناخبين بحيادية واستقلالية ومهنية لا علاقة لها بالمماحكات والممارسات الحزبية. حتى إن اللجوء إلى مثل هذه الأساليب اللا ديمقراطية واللا سلمية لا يختلف عما تقوم به بعض العناصر القبلية من ممارسات فوضوية تربط مراجعة وتعديل جداول الناخبين في الحصول على مصالح ومطالب ذاتية أو خدمية أو وظيفية أو مادية أو لجان انتخابات لا تنطبق عليها الشروط والمعايير القانونية والتنظيمية المعلنة لتشكيل اللجان الانتخابية. ولعل الفارق بين ما يحدث في هذه الممارسات السياسية وفي غيرها من الممارسات القبلية الموجودة في بعض المراكز في محافظة شبوة وفي محافظة إب وفي محافظة ذمار وفي محافظة عمران وفي محافظة حجة والمحويت وصعدة أن الأولى محسوبة على الأحزاب والتنظيمات السياسية التي تزعم أنها مستنيرة وواعية لا ينقصها الوعي بما لها من الحقوق وما عليها من الواجبات. في حين أن الثانية وليدة جهل بما لها من الحقوق وما عليها من الواجبات؛ وإذا كانت القبيلة تمتلك قدراً من العذر كونها ضحية اللاوعي الناتج عن الجهل فإن السياسة لا عذر لها لأنها تعلم سلفاً ما لها من الحقوق وما عليها من الواجبات. أعود فأقول إن المعلومات المتوفرة لدى اللجنة العليا للانتخابات أن جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية مشاركة بقدر أو بآخر في جميع اللجان الانتخابية التربوية بغض النظر عن العناصر القيادية التي انسحبت أو سحبت رغم إرادتها من قبل أحزابها برغم أنها اختيرت من وزارة التربية والتعليم؛ الجهة المسؤولة عنها إدارياً لتقوم بمهمة وطنية لا علاقة لها بانتماءاتها الحزبية والسياسية. وعلى هذا المنهج يمكن القول إن المقاطعة عملية إعلامية وسياسية نسبية لا علاقة لها بالواقع، حيث الثابت والمؤكد ان الشباب الذين يسجلون أنفسهم وكذلك غير المسجلين الذين يسجلون أنفسهم من كبار السن هم خليط من الأحزاب والتنظيمات السياسية والمستقلين معارضين كانوا أو حاكمين. أي أن أحزاب اللقاء المشترك التي دعت صورياً إلى المقاطعة تدعو عملياً إلى المشاركة في مراجعة وتعديل جداول الناخبين مثلهم في ذلك مثل غيرهم من الحزبيين والمستقلين المشاركين على قدم وساق. وما ينطبق على القيد والتسجيل لغير المسجلين في الماضي ينطبق على نقل الموطن الانتخابي وينطبق على استبدال البطاقات الانتخابية المفقودة للمسجلين. وهكذا يبدو واضحاً للجميع أن للمشاركة الجماعية التي نلاحظها في هذه الفترة من مراجعة وتعديل جداول الناخبين المتمثلة بالقيد والتسجيل وتغيير الموطن الانتخابي واستبدال البطاقات التالفة والمفقودة سوف ينطبق من حيث جماعية المشاركة على المرحلة الثانية الخاصة بتصوير جداول الناخبين ومراجعتها والطعن فيما يجدونه بها من المكررين وصغار السن والوفيات والذين لا مواطن انتخابية لهم استعداداً للدخول في المنافسة الانتخابية المتمثلة بالترشح والدعاية والاقتراع والفرز وإعلان نتائج الانتخابات البرلمانية الرابعة؛ لاسيما وأن حوار الأحزاب والتنظيمات السياسية لايزال مستمراً ومتواصلاً ولم يصل بعد إلى نهايات مغلقة وغير قابلة للاستمرار كما قد يعتقد البعض. أملنا في اللجنة العليا للانتخابات في اتفاق الأحزاب ووفاقها كبير، وثقتنا لا حدود لها نظراً لما شهدته وتشهده المواسم الانتخابية الدورية من خلافات تسفر عن اتفاقات الفرصة الأخيرة التي يتراجع فيها من هم في الحكم ومن هم في المعارضة إلى حلول وسطية تغلب المشاركة على ما تلوح به من المقاطعة. لأنها - أي جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية - تعلم سلفاً أن حرية ونزاهة العملية الانتخابية استناداً إلى المرجعية الدستورية والقانونية النافذة غير قابلة للالتفاف وغير قابلة للتزوير والتزييف؛ لأنها تدار من خلال آليات انتخابية شفافة وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار لا يمكن لأي كان أن يسخّرها لمصالحه الذاتية بطرق وأساليب غير مشروعة؛ في ظل سلسلة من الضمانات القانونية والتنظيمية التي كفلها القانون ولائحته التنفيذية والأدلة الانتخابية الصادرة عن اللجان الانتخابية المتعاقبة. أخلص من ذلك إلى القول إن المطلوب من جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية الارتقاء إلى مستوى المسؤولية في التعاون مع لجان مراجعة وتعديل جداول الناخبين وحمايتها من الاعتداءات العنيفة وتقديم مرتكبيها إلى العدالة بتهم ما اقترفوه من جرائم انتخابية تتنافى مع الدستور وسيادة القانون حتى ولو كانوا ينتمون إليها بدلاًً من الانشغال في إصدار البيانات والمنشورات التحريضية ذات العواقب الفوضوية غير المسؤولة وغير الحريصة.