طبعاً فوز «أوباما» لم يكن فوزاً عادياً، بل كان فوزاً «كاسحاً» إلى حدٍّ نستطيع القول معه: إنه اكتسح «البيت الأبيض اكتساحاً» على غير عادة الرؤساء الأمريكيين السابقين... إنه يأتي إلى البيت الأبيض «كارزمياً» وليس «عادياً»، لكن أحلام الملايين من الشعب الأمريكي علّقت أمانة في عنق «أوباما»، الذي كسب أصواتهم حين وعدهم بتحقيق أحلامهم في شعاره «التغيير»، وهم يفهمون «التغيير» لصالح الشعب الأمريكي، وليس لصالح «الشركات الاستغلالية والاحتكارية». إذن.. لابد من أن ترتب إدارة «أوباما» الملفات حسب الأولويات، وأن يتم التعامل معها وفقاً لمبدأ التغيير... التغيير داخلياً، والتغيير خارجياً، والتغيير الداخلي يحتاج إلى تغيير خارجي، كون الأوضاع في الداخل ليست سوى نتيجة لاستنزاف السياسة الخارجية للموارد الأمريكية في حروب مباشرة وتآمرية واستخبارية ضد الشعوب في العالم لصالح الشركات الكبرى وليس لصالح الشعب الأمريكي الذي يدفع من معيشته ورفاهيته ورخائه وتعليمه وصحته نفقات هذه الحروب دون أي عوائد... وعليه فلابد من التغيير في السياسة الخارجية العدوانية للعالم. لاشك أن السياسة الداخلية تقتضي أولوية، وعمليات سريعة ليبدأ المواطن الأمريكي يشعر بها في تحسن وارتفاع مستوى حياته عموماً، وهذه لا تحتاج إلى «تكنلوجيا معقدة» هي بحاجة إلى استغلال واستثمار الثروات والموارد الهائلة للولايات المتحدة لمواجهة متطلبات واحتياجات الشعب، والعمل لإعادة دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي، وانتهاج سياسة اقتصادية واجتماعية متوازنة تقوم على «الحرية الإنسانية» وليس «الحرية المتوحشة»، فدور الدولة هو حماية الحرية من التوحش، وحفظها في الإطار الإنساني الذي يضمن أمن واستقرار وسلامة كل فئات وطبقات وشرائح الشعب الأمريكي، وحماية القطاعات الخاصة الصغيرة من توحش الحرية في السوق والاقتصاد، والحرص على مصالح الطبقة الوسطى، وانتشال الفقراء من فقرهم من خلال توظيف الأموال في الاستثمارات الإنتاجية، بدلاً من مضاربات البورصة والاستهلاك. أما إصلاح السياسة الخارجية وتحسين الوجه الأمريكي في العالم، فتحتاج إلى التخلي عن التمييز والعنصرية تجاه الشعوب الأخرى، وإقامة علاقات عادلة وندية مع العالم بدلاً من علاقة العدوان والابتزاز والهيمنة، وإصلاح السياسة الخارجية سيوفر «ترليونات» للتغيير في الداخل. في الأخير.. هل تترك الشركات - وهي المهيمنة على البنتاجون وأجهزة الاستخبارات وترتبط أطماعهم بأطماع بعض - لأوباما أن يقوم بالتغيير، وتنفيذ برنامجه؟؟ لنا عودة للإجابة على ذلك.