لأننا حديثو عهد بالديمقراطية وتجربتنا في ممارستها قصيرة جداً مقارنة بالمجتمعات الأخرى التي عرفت الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية منذ مئات السنين.. فمن الطبيعي جداً ان تكون العلاقة بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة على هذا النحو من التوتر وعدم الوفاق والتباين الدائم في مختلف القضايا التي تهم الوطن والمواطنين مما قد يؤدي إلى ظهور بعض الاختلالات على الساحة.. توحي بأن هناك قصوراً في فهم وتفسير الديمقراطية وأسلوب التعامل مع القضايا الخلافية وطرق التعبير عنها بعيداً عن الفوضوية والتخريب والتحريض وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والمناطقية كنوع من أنواع الضغط السياسي لتحقيق بعض المكاسب وهو مايجعل الجميع بحاجة دائمة للالتقاء والحوار لتقريب وجهات النظر والخروج بحلول، مع الأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا للوطن والشعب والحفاظ على الثوابت الوطنية ومكتسبات الثورة اليمنية وفي مقدمتها الوحدة اليمنية كونها القاسم المشترك للجميع.. ولكن من غير الطبيعي أن تصبح العلاقة على هذا النحو من التباعد والتنافر حد القطيعة، وان تتحول الاختلافات في الرأي إلى سبب للشقاق والعنف بأسلوب يهدد أمن الوطن واستقراره ويعرض السلم الاجتماعي للخطر، ومن غير الطبيعي أيضاً عدم الاستجابة لدعوات فخامة الأخ الرئيس المتكررة، للحوار والوفاق السياسي وان ينتهي الحوار قبل ان يبدأ ويحكم عليه بالفشل الذريع منذ اللحظات الأولى وتكون نتائجه مخيبة لآمال الشعب وطموحاته وان يؤدي الحوار إلى نتائج غير ايجابية مهما طالت فترته الزمنية وتعددت جلساته بل على العكس تكون نتائجه مزيداً من المماحكات والإشكالات وتوسيع لهوة الخلاف بين فرقاء العمل السياسي الحاكم والمعارضة لنصل في نهاية المطاف إلى طريق مسدود.. والغريب في الأمر ان ظاهرة الخلافات المستمرة والحوارات الفاشلة بين الأحزاب السياسية تكاد تكون ظاهرة عامة موجودة في جميع الدول العربية دون استثناء وأقرب مثال على ذلك مايحدث في فلسطين بين فتح السلطة وحماس المعارضة في وقت هم بأمس الحاجة إلى توحيد جبهتهم الداخلية ونبذ خلافاتهم السياسية ورص صفوفهم لمواجهة العدو المحتل لأرضهم الفلسطينية ورغم هذا تبقى خلافاتهم السياسية أقوى من ان يتم تسويتها وإزالة أسبابها. صحيح ان الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية وان من احتكاك الرأي بالرأي تتولد شرارة الحقيقة وتتوحد الكلمة وتعزز الديمقراطية.. ولكن هذا الأمر في المجتمعات الديمقراطية الواعية التي تؤمن بأن الاختلاف في الرأي هو بوابة الوصول لوحدة الرأي والتقاء الكلمة وان الحوار البناء هو الأساس لاتخاذ القرارالسليم الذي يخدم مصلحة الجميع ويغلب مصلحة الوطن على كل المصالح الأخرى.. أما في مجتمعاتنا العربية فاختلاف الرأي يفسد جميع القضايا ويحول الود والوئام إلى كراهية مطلقة وحقد دفين.. والسبب بسيط جداً وهو ان البعض ينطلق في حواراته مع الآخر وطرح آرائه من قاعدة مستوحاة من المثل الشعبي القائل«حبتي والا الديك» ووفقاً لهذه القاعدة توضع الشروط المسبقة للحوار وتحدد المطالب التي يجب تنفيذها كأساس لإقامة أي حوار..