ليس بخافٍ على أحد مدى التخلف الذي كانت تعيشه بلادنا قبل قيام ثورة ال26من سبتمبر عام 1962م، حيث كان النظام الإمامي الكهنوتي جاثماً على الجزء الشمالي والغربي من الوطن وكان النظام السلاطيني، والاستعماري جاثماً على الجزء الجنوبي والشرقي واللذان عملا على تكريس الجهل والتخلف بين صفوف الشعب اليمني الذي كان محروماً من أبسط حقوقه في العيش الكريم، فلاتعليم ولا صحة ولا مشاريع طرقات ولا كهرباء ولا مياه وكانت كل المناطق معزولة عن بعضها البعض على مستوى القرى والعزل والمديريات والمحافظات باستثناء مدينة عدن التي شهدت ازدهاراً كبيراً كونها آنذاك كانت القاعدة البريطانية في الشرق الأوسط. ومع انطلاقة ثورة ال26من سبتمبر 1962م التي قضت على النظام الملكي الرجعي المتخلف في شمال الوطن بدأت مسيرة البناء والتنمية الشاملة من الصفر فتم إنشاء المدارس الحديثة وإنشاء المؤسسات الحكومية والخاصة والشركات التجارية وإنشاء المستشفيات وشق الطرقات وتم التركيز بشكل أساسي على التعليم باعتباره مفتاح التنمية والبناء والتطور والازدهار ففي العام 621963م كان عدد المدارس الابتدائية في الشطر الشمالي من الوطن اثنتي عشرة مدرسة فقط لاغير وعدد الطلاب والطالبات «6133» طالباً وطالبة فقط وعدد المدارس الاعدادية مدرستين فقط وعدد الطلاب والطالبات «730» طالباً وطالبة.. أما المرحلة الثانوية فكان عدد المدارس في العام 631964م ثلاث مدارس فقط وعدد الطلاب والطالبات «84» طالباً وطالبة .. وعام بعد آخر تضاعف عدد المدارس وازداد عدد الملتحقين بالتعليم حيث بلغ عدد المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية في العام 801981م «962» مدرسة وعدد الطلاب والطالبات «105.449» طالباً وطالبات، أما اليوم فقد أصبح عدد المدارس بالآلاف وعدد الطلاب والطالبات بالملايين إلى جانب عشرات الجامعات والمعاهد والكليات الحكومية والأهلية والخاصة. اليوم بعد قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وتحقيق الاستقلال الوطني وبعد تسعة عشر عاماً من إعادة تحقيق وحدة الوطن اليمني أرضاً وإنساناً في 22مايو1990م..اليوم لم يعد اليمن كما كان عليه يمن ما قبل عام 62و63و1990م. فقد أصبح ما كان في حكم المستحيل واقعاً معاشاً وتحولت الأحلام والآمال إلى حقائق ملموسة رغم وجود بعض النتوءات هنا وهناك والتي تشوّه الانجازات العظيمة والتحولات التاريخية الكبيرة التي تحققت للوطن والشعب في ظل راية الثورة والوحدة وهو ما يستدعي العمل بكل جدٍ وإخلاص من قبل كل الوطنيين الشرفاء في السلطة والمعارضة والعمل بروح المسئولية الوطنية بعيداً عن الحسابات والمكايدات الحزبية للقضاء على تلك النتوءات كما أنه يتوجب على الحكومة إعداد خطط استراتيجية مبنية على أسس عملية لمعالجة كافة القضايا والمشكلات الآنية والمستقبلية وفي مقدمتها مشكلتا الفقر والبطالة ومشكلة الانفجار السكاني المتزايد كل عام والذي يربك خطط التنمية. إذ لابد من وضع خطة استراتيجية لاستيعاب الأعداد الكبيرة للمتخرجين من الثانوية العامة في الجامعات والذي يصل عددهم هذا العام إلى أكثر من مائتين وواحد وعشرين الف طالب وطالبة، واستراتيجية خاصة باستيعاب المتخرجين من الجامعات في سوق العمل. كما أنه لابد من إعادة النظر في بعض التخصصات الجامعية والتي لا يتطلبها سوق العمل وأصبحت تضيف سنوياً أرقاماً جديدة لطابور البطالة من خريجي الجامعات العاطلين عن العمل..كما أنه من الضرورة بمكان العمل على ايجاد مشاريع لتشغيل الشباب من خريجي الجامعات والمعاهد التخصصية والثانوية العامة وإلا فسوف تتضاعف مشكلتا الفقر والبطالة بصورة كبيرة. فإذا كان عدد المتقدمين لطلب التوظيف في محافظة تعز وحدها وصل عددهم إلى حوالي خمسة وثلاثين ألفاً حتى العام الماضي فلنا أن نتخيل كم سيبلغ العدد في العام 2015م وقس على ذلك بقية المحافظات وخصوصاً ذات الكثافة السكانية مثل إب والحديدة وعدن وذمار وأمانة العاصمة وحضرموت ولذلك فإنه من المهم جداً العمل على ايجاد خطط علمية وعملية قابلة للتنفيذ في الواقع وليس مجرد خطط تحفظ في الأدراج.. فالتخطيط المسبق ضمان لمستقبل أفضل.