في إطار معطيات الواقع الاجتماعي والموضوعي أدرك النوع الاجتماعي بالأعبوس، محافظة تعز هذه الأهمية وبادر إلى تأسيس جمعية الآفاق لتنمية أنشطة المرأة، وتأسيس مركز الآفاق كنواة لمركز تدريب مهني بالمنطقة هدفه تنمية هذا النشاط وتطويره، وإعادة إحياء مااندثر من التراث الاجتماعي والثقافي والحضاري في المنطقة ليكون أحد أهم الروافد التنموية في الأعبوس .. وخلال أكثر من عام استطاعت أن توجد هذه الجمعية علاقة ممتازة مع مختلف أفراد المجتمع المحلي الذين بادروا إلى دعم هذا المولود الذي بدأ بصورته الجنينية قبل عام في إطار اللجنة التحضيرية، ولجنة المرأة التي اضطلعت بدور ريادي في تأسيس وتشغيل مركز الآفاق، وتقديم المرأة المنتجة في هذه المنطقة من خلال بعض الأعمال اليدوية الممتازة التي لاقت استحساناً لدى الكثير من أبناء المنطقة. ولهذا سيكون لهذا المولود وبلا شك دور مهم في استنهاض الواقع وإعادة إنتاج وإحياء مااندثر من التراث الثقافي والحرفي والحضاري في المنطقة، وكانت البداية مبشرة بالخير.. حيث تمكنت من إعادة إنتاج بعض الحرف اليدوية التي اختفت نهائياً، وأصبحت أي الجمعية تعمل بحدود إمكانياتها المحدودة جداً على معرفة متطلبات الواقع، واحتياجات الناس في هذا الإطار، وبالتالي توفير هذه المتطلبات. وجاء الإعلان عن تشكيل الجمعية رسمياً عن طريق مكتب الشئون الاجتماعية بمحافظة تعز يوم الخميس الموافق 13/8/2009م وسط استنفار بعض القوى التقليدية انتصاراً للنوع الاجتماعي، والتمسك بدورها الإنتاجي والتنموي والبنائي. والاتجاهات العامة لخطة الجمعية، وماتضمنته من رؤى استراتيجية مهمة لإنعاش الواقع، وإعادة تشكيله على أساس إنتاجي، وهو ماتعمل عليه الكثير من التنظيمات الاجتماعية والواعية، باعتبار أن هذا الخيار هو الممكن لمحاصرة الفقر والقضاء عليه نهائياً. قانون السلطة المحلية أسند هذه المهام للمجالس المحلية والسلطة المحلية بالوحدات الإدارية باعتبارها المسئولة المباشرة عن كل مايجري ويعتمل في الواقع الإداري وعن إدارته وتنميته والسلطة المحلية تعطي هذا الواقع أهمية خاصة، وقد انعكس هذا بوعي في أسلوب تعامل الأستاذ عبدالله علي الأصمع مدير عام مديرية حيفان رئيس المجلس المحلي الذي أعطى تشكيل هذه الجمعية أهمية خاصة ووقف بوعي ومسئولية أمام الجهود التحضيرية وعمل على تسهيل كافة الإجراءات إلى أن تم الإعلان عن تشكيل الجمعية بشكلها النهائي واعتبر أن خطوة تشكيل الجمعية تعد تحولاً إيجابياً في الوعي الديمقراطي والتنموي للمجتمع المحلي في هذه المنطقة بصورة عامة، إلا أن هناك في المجلس المحلي ذاته وجدت توجهات مناقضة تمثلت بموقف رئيس لجنة الخدمات الذي اعتبر أن تشكيل جمعية بهذا الشكل وبهذا الحجم سيضعف سلطة الرجل على المرأة وفي هذا الإطار وجد وعياً خجولاً مناهضاً لعمل المرأة، ولكنه أخفق في إفشال جهود اللجنة التحضيرية التي كانت قريبة من الأخ مدير عام المديرية وحظيت بدعم وتشجيع المجتمع المحلي. ونجاح تشكيل الجمعية يعكس حقيقة الوعي القائم في إطار السلطة المحلية، والذي يعمل على استيعاب مخرجات المجتمع المحلي ومنظمات المجتمع المدني وكذا توجهات الدولة الرامية إلى توسيع أفق المحليات، والدفع بها نحو شراكة اجتماعية فاعلة في إحداث تنمية محلية واسعة وإدارة الشأن الاجتماعي.. وعلى وجه الخصوص المرأة التي تشكل حجر الزاوية في جهود التنمية المحلية ولأنها ثانياً قطاع اجتماعي واسع تستطيع أن تسهم بفعالية في تغيير الواقع وتطويره وتحديثه.. وفي الأعبوس وجدت مساهمات مبكرة للنوع الاجتماعي في مطلع سبعينيات القرن الماضي، واستطاعت في الثمانينيات أن تكون الأعبوس مركزاً حيوياً لنشاط المرأة في مديرية«القبيطة» التي تشكل حالياً مديريتي حيفان والقبيطة وأكدت حضورها من خلال المركز المهني الذي وجد وقتها وبعض المنشآت الاقتصادية الأخرى. وهذه البدايات الواعية شكلت أرضية نجاح النوع الاجتماعي في إعادة تشكيل جمعية الآفاق وعلى أسس حديثة. وأصبحت المرأة في إطار التحول نحو اللامركزية والحكم المحلي تضطلع بدور أساسي في استراتيجية نشاط الدولة والمنظمات الدولية الشريكة في التنمية، واستنهاض واقع اليمن الجديد، وهذه التوجهات تعكس حقيقة الوعي الاجتماعي الذي بدأ يتشكل حديثاً في المجتمعات المحلية، ومعه ينحسر الوعي التقليدي الذي ينظر للمرأة على أنها مجرد كائن خلق للمتعة فقط.. والوعي بدور المرأة الفاعلة في التنمية.. جاء نتاجاً للوعي الذي حملته السلطة المحلية، والرؤى الاستراتيجية التنموية للدولة التي تعمل على تأسيس دولة الشراكة الوطنية والتي أصبحت في ظل هذه التوجهات مرهونة بإشراك المجتمعات المحلية بمختلف توجهاتها وشرائحها الثقافية والاجتماعية. ولكي تكون السلطة المحلية قادرة على معالجة الاختلالات التنموية وإدارة الشأن المحلي وتفعيل دور المجتمعات المحلية في هذا الإطار، وكذا تصحيح وعي المجتمع، وتنقيته من بعض الشوائب التي ألحقت به كنتيجة طبيعية للثقافة الاستهلاكية التي سادت في المجتمع لابد من فرض سلطة الدولة من خلال السلطة المحلية، والتي تعتبر طبقاً لقانون السلطة المحلية رقم«4» لسنة 2000م جزءاً من سلطة الدولة. وهذه القضايا وغيرها تتطلب بالضرورة قيام وزارة الإدارة المحلية بوضع برنامج وطني شامل لبناء قدرات السلطة المحلية الثقافية والإدارية والاجتماعية، ومن دون هذا البرنامج ستكون التنمية المحلية غير ممكنة. ولايفوتني هنا إلا أن أتوجه بالشكر الجزيل للأخ عضو المجلس المحلي المهندس الشيخ مصطفى أمين عبدالجليل الذي يعد نموذجاً للوعي بدور المحليات في بناء الواقع وتطويره.. حيث يجد نفسه قريباً من الناس، متبنياً مختلف قضاياهم وكذا متطلبات المجتمع المحلي.. متابعاً وراصداً ومحللاً وكان أثناء الاجتماع التأسيسي لجمعية الآفاق محل احترام وتقدير الجميع.. ولابد وأن يكرمه المجلس المحلي، ويعيد في ضوء ذلك النظر في الكثير من توجهاته، وتكوينات لجانه التخصصية.