في القارات الخمس تغلب المشاكل على الحياة اليومية بنسب متفاوتة، والدولة المتمكنة غير بعيدة عن كير النار، لكنها تعالج حروقها بهدوء بفضل الإمكانيات الهائلة التي بفضلها استطاعت أن تدعم المصارف والمصانع وأسواق المال بالمئات من المليارات كما في الولاياتالمتحدة من احتياطياتها الضخمة، وتصلح في نفس الوقت مارافق ذلك من كوارث طبيعية كالزلازل والفيضانات والأعاصير والجفاف أيضاً مع أن بعض الدول أعلنت إفلاسها وكانت من الدول الغنية إلى حد ما مثل ايسلندا ونيوزيلاندا والنرويج.. ولعل أخطر الكوارث الشائعة هذه الأيام هي الصراعات السياسية التي تطحن الشعوب برحى الأحزاب المتبارية بدون كلل في إنتاج الأزمات وتغذيتها بما لم يسبق له مثيل من المصطلحات المثيرة للعواطف والتعصب الأعمى الذي لم يعد يعترف بخطوط حمراء كانت في عقيدة الغالبية العظمى ستائر واقية من الانحدار في الهاوية باعتبارها الشيء المحرم الذي لايمكن لأحد أن يحلله لنفسه أو لقبيلته أو لحزبه.. ومن سوء الحظ أن يتحول المقامرون والمغامرون إلى رموز تقود المثقفين والعقلاء كما يفعل بعضهم في الساحة اليمنية جامعاً بين العقلية المتخلفة الهمجية لاستلاب المال العام والحق الخاص تحت تهديد القبيلة وسطوة المرافقين المدججين بالأسلحة من جهة وبين الثقافة المحدودة التي لاندري كيف أصغت إليها آذان من سبق ذكرهم وهم في نظرنا صفوة المجتمع ولهم تجاربهم وتضحياتهم الوطنية والنضالية.. فالغثاء الذي يمثله أحدهم ماتنفك بعض الفضائيات تظهره عبر قنواتها وبرامجها التي لاتخلو من هدف يسهل معرفة أبعاده ولا نكاد نستسيغه أو نحتمل كلامه السفيه الساعة أو ثلاثة أرباع الساعة عن العدالة والقانون والنظام والمساواة وهو أحد مشاهير الغطرسة وانتهاك القانون ولايقبله إلا من هانت عليهم نفوسهم، وللأسف فقد أصبح لدينا الكثير من هؤلاء الذين يستقوون بمن كانوا في نظرهم في السابق سبب تخلف اليمن وإعاقة بسط الدولة نفوذها وهيبتها على كل الناس بقوة الدستور والقوانين.. إن هؤلاء لايهمهم استقرار اجتماعي أو أمني لأنهم تجار حروب من الدرجة الأولى وباعهم طويل في التلوّن والتلاعب بالمواقف منذ قيام ثورة سبتمبر وأكتوبر ونعرفهم على حقيقتهم حاطبين في الليل لإشعال الفتن والسطو على الأخضر واليابس ولن يردعهم سوى الشعب الذي سئم من حروبهم الداحسة الغبراء من أجل مصالحهم الضيقة ولو أُفني هذا الشعب..