الحرية في التصرف والعمل والحركة والتعبير من إحدى الخصائص الإنسانية والتي يعتمد عليها الفرد وأحد مكتسباته الطبيعية وهي وإن كان سقفها عالياً إلا أن لها حدوداً ، حيث في هذه الحال لا يمكن إطلاقاً أن نتجاوز الحدود وإلا دخلنا على حدود الآخرين وولجنا باب المحظورات ومن ضمنها الدينية المقدسة. الطرفة هي إحدى وسائل التعبير بين الشعوب وقد تكون قاسية في بعض الأحيان ومحمودة في أحيان أخرى، لأنها هنا قد تكون ناقدة ومعبرة وهادفة ، ومن الطبيعي أن للطرفة حدوداً في تداولها على فئة من الفئات من المجتمع وإلا كان مردودها سلبياً نفسياً واجتماعياً إذا لم يلتزم متداولوها بأخلاقيات المجتمع، وكمثال فإن الجميع يسمع ويبتسم لكثير من الطرائف عن الصعايدة من الشعب المصري ومن المؤكد أن الصعايدة يضيقون ذرعاً من كثرة وتعدد الطرائف عنهم وكأن بقية أفراد الشعب المصري ذوء مستويات راقية وعالية في المجتمع، ولكن في هذا المستوى والحدود بقيت الطرائف المصرية عن الصعايدة في مستوى مقبول ولم تأخذ مساراً كبيراً من الانزلاق يؤثر على متانة وواحدية المجتمع المصري والشعب المصري نفس المنوال ونفس الصيغة نجدها في كل بلد عربي حيث نجد نوعاً من الطرافة “ التنكيت” قد تتجاوز الحدود في بعض الأحيان ففي كل مجتمع من المجتمعات هناك من يكون ضحية للسخرية من الآخرين وهذا شي طبيعي لكن على ألا يؤثر في الوحدة الوطنية. أعود فأقول: إن تناول الطرفة شيء جميل ولكن يفترض من المواطن كأب وأخ وأم وولي أمر ألا يسمح لها أن تتجاوز حدود اللياقة والأدب لتدخل في مسار هدم القيم المحببة لدى البشر من نظرة فوقيه وتعالٍ على الآخرين وترسيخ صور غاية في السلبية عن الآخرين أي كانوا سواء من نفس البلد ام بلاد أخرى . إن الاستمرار والغلو في تصغير وتحقير الآخرين يرفضه الإسلام والتسمية بغرض التحقير مرفوضة في شريعتنا الإسلامية فلا يجب أن نتهاون في هذه المسألة ونقهقه أمام الآخرين دون أن نعبر عن الامتعاض رغم أنها طرفة وتتبعها السخرية وهي بلا شك ترسخ صورة سلبية في عقول صغار السن عنهم. إن النظرة الدونية واحتقار فئات من قبل فئات أخرى يولد شرخاً في التركيبة المجتمعية ويؤسس لمسارات عنف لا يجب السكوت عليها من قبل المجتمع كون أنها طرفة، لأن التمادي في السكوت قد يعطي ضوءاً أخضر للشباب وصغار السن في تجاوز الحدود عند تناولهم النكات التي تمس الدين والخالق عز وجل . يجب ألا يعتقد من يفكر تفكيراً سطحياً أن ما يقوله أو تُقال من طرائف مجرد طرفة ولن تؤثر على سلوك المجتمع فهو هنا جاهل لا يعي أن الطرفة والسخرية المتجاوزة حدودها على الآخرين تؤسس لبداية تفكك في المجتمع وتؤثر في سلوك ومشاعر آخرين قد تنعكس على تفكيرهم وسلوكهم عن الآخرين أيضاً في السنوات القادمة . وبالتالي فهي في نظري احدى العوامل المساعدة على التحريض وزرع الفتنة بين أفراد المجتمع الواحد وبالتالي تلقي بظلالها على ثقافة المجتمع ووحدته. فلينظر من لم يفهم مرادي إلى الصعايدة وهل أثرت في وحدة المجتمع المصري نوعية تلك الطرائف مثلما أثرت على المجتمع اليمني نوعيتها ؟ إن دور الأسرة في التصدي لهذا السلوك هو دور أساسي ومن هنا تكون البداية، يجب أن نعود أبناءنا على أن لا تكون أحاديثهم فيها سخرية واحتقار للآخرين سواء كانوا مواطنين ام غير مواطنين، مسلمين ام مسيحيين ، ويفترض من المثقفين أن يتصدوا لأية انحرافات ثقافية كهذه وإلا لن نعتب على الفئة الجاهلة . [email protected]