منذ توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» وإسرائيل تسعى بكل الوسائل لاختراق المجتمعات العربية عبر محاولات متكررة لا تعرف اليأس لاختراق المجتمعات العربية بهدف إحداث تطبيع حقيقي مؤثر يمكن إسرائيل من التعايش مع المحيط الذي زرعت فيه، ولأنها تعرف جيداً أن هذه المحاولات ستبوء بالفشل فإنها اتجهت بكل هدوء إلى الآلية الأكثر تأثيراً وفعالية على المدى الطويل وهي إحداث اختراق في المناهج الدراسة. ففي أول زيارة له بعد معاهدة كامب ديفيد عبر “مناحيم بيجين” رئيس وزراء إٍسرائيل آنذاك عن استيائه الشديد من تضمن مناهج الدراسة “الدينية” لآيات قرآنية تنكر على بني اسرائيل نقضهم المواثيق وقتلهم الأنبياء وقال إن وجود مثل هذه المقررات لاتساعد على التطبيع المنشود من اتفاقية السلام. وبعد هذه الزيارة بدأت الضغوط على كثير من البلدان العربية لحذف كل ما يذكّر بأفعال اليهود أو تاريخهم الأسود، وانتشر الخبراء الأمريكيون من أصل يهودي لتنفيذ المهمة الموكلة إليهم تحت شعار تطوير التعليم، وحظي التعليم الديني بنصيب وافر من هذا الاهتمام. وقد امتدت حمى تطوير المناهج إلى بعض الدول العربية ولا تزال الضغوط الأمريكية وحتى عبر اليونيسكو التي عبرت مؤخراً عن رغبتها تدريس المحرقة اليهودية (الهولوكست) لطلاب الشرق الأوسط للتعرف على الظلم الذي حاق باليهود، وبالتالي خلق نوع من التعاطف معهم. ويعتقد البعض أن هذه الخطط جديدة والصحيح أنها قد بدأت منذ فترة طويلة ولكنها اتخذت أشكالاً متنوعة وعديدة فقد أنشأت إسرائيل مركزاً أكاديمياً في إحدى الدول العربية عام 1982م ومنذ ذلك التاريخ والمركز يضخ آلاف التقارير الاستخباراتية تحت مسمى البحوث العلمية والتي حصل عليها عن طريق التعامل مع أكاديميين مقابل مبلغ ألفي دولار لكل بحث وإلى جانب النشاطات المختلفة تركز هذه البحوث على متابعة نشاطات المسلمين والإسلاميين على وجه الخصوص. إن الهدف الرئيس من كل هذا النشاط المحموم هو طمس أو تفسيخ الهوية الإسلامية بحيث يظهر جيل جديد لا يعرف عن دينه أو نفسه شيئاً فيكون مقطوع الصلة بين ماضيه ومستقبله، وبالتالي يصبح من السهل جره إلى أي اتجاه، مع كل هذه الصورة المعتمة فإني أحب أن أطمئن القراء بأن كل هذه المحاولات ستفشل حتماً، ذلك أن التوازن الإلهي المتمثل بقانون التدافع لن يسمح بنجاح هذه المحاولات خاصة وأنها تفتقر إلى المصلحة العالمية العامة فهي تخدم فقط “شعب الله المختار” اليهودي ولأن اليهود جُبلوا على الأنانية وحب الذات واحتقار الآخر فإن الفشل سيكون قرين هذه المحاولات وإن بدا ظاهرياً ملامح نجاح ما، كما أن حيوية هذه الأمة جزء من كينونتها فقد حاولت فرنسا طمس الإسلام في المغرب فظهر بن باديس والإبراهيمي وبن نبي وانتصر مشروع البقاء على مشروع الفناء وقضت بريطانيا في اليمن 138 سنة لم يتمكن قساوستها من تنصير أحد سوى شخص واحد تنصّر لمصلحة وهذه سنة الله في هذا الكون «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد» وهذا لا يعني أن ندفن رؤوسنا في الرمال وننتظر القدر أن يتدخل لحل مشكلاتنا بل يجب أن نكون جزءاً من قانون التدافع، فالله سبحانه وتعالى لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم والله غالب على أمره.