ما ان زعمت قوات «اليونيفيل» المنتشرة في جنوبلبنان لمراقبة وقف إطلاق النار بعد حرب عام 2006م التي شنّتها اسرائيل على لبنان بكامله أن الاسرائيليين لم يخرجوا من موقعهم الواقع داخل أو خلف الخط الأزرق لاقتلاع أشجار كانت حسب قولهم تعيق عمل الكاميرات التابعة للجيش الاسرائيلي وتركيبها في الجانب اللبناني؛ حتى أصدر الكونجرس الأمريكي قراراً بمعاقبة الحكومة والجيش اللبنانيين تمثل في إلغاء مائة مليون دولار كانت قد أقرّت لتسليح الجيش اللبناني بأسلحة متوسطة دفاعية فقط. وبهذه السرعة العجيبة تنفس المتعصبون في الكونجرس الصعداء أكثر من الكنيست الاسرائيلي الذي بدا وفي كل مرة كفرع للكونجرس الأمريكي لا يناقش ولا يصدر قرارات داخلية أو خارجية إلا بموافقة الكونجرس الأمريكي سواء هيمن عليه الجمهوريون أم الديمقراطيون، وسواء كان الرئيس في البيت الأبيض أسود أم أبيض أو من أي من الحزبين الكبيرين العريقين. أما اللبنانيون فقد شعروا بالفخر والتوحد في آن واحد لما قام به الجيش من عمل بطولي في ردع المتغطرسين الصهاينة، وأذهلهم التأييد الشعبي اللبناني والرسمي والحزبي والطائفي خاصة تصريح رئيس الجمهورية ميشال سليمان الذي أعلن أنه مهما كان الثمن فلن يجد الاسرائيليون ما يسرّهم أو يشفي غلّهم بعد هزيمتهم الأولى عام 2000م على يد المقاومة وانسحابهم المذل من جانب واحد، والثانية عام 2006م، التي تكبدوا فيها خسائر كبيرة بشرية ومادية، وأصابهم الذعر للعدد الكبير من دباباتهم "ميركافا" التي دمرتها صواريخ وقذائف المقاومة؛ وهي الدبابة التي قيل عنها الكثير في وسائل الإعلام الاسرائيلية والأمريكية بأنها تتفوق على غيرها من الدبابات. أما ما هو رد فعل اللبنانيين عموماً؛ فهو أن كرامة واستقلال لبنان لن يزعزعه قرار أمريكي أكان ذلك من الكونجرس أم من الإدارة نفسها ومعها وزارتا الخارجية والدفاع، وإن كل شيء سيئ متوقع من هذه الدولة المنحازة حتى النخاع لاسرائيل التي قامت على القوة العسكرية والاقتصادية والإعلامية في عام 48م ومازالت وبنفس القدر من الوحشية تمارس العدوان ولا تتورع بجيشها ومخابراتها ومستوطنيها عن ارتكاب كل الجرائم المحرمة في القانون الدولي. ولهذا فكلما أمعنت اسرائيل في استخدام القوة والاستهزاء بالرأي العام العالمي بحماية ومساندة الكونجرس وأقطاب المال والإعلام الأمريكيين والأوروبيين، كان المقاومون الفلسطينيون واللبنانيون أكثر تمسكاً بمبدأ الكفاح، وعدم إلقاء السلاح إلا بعد الانسحاب من كل الأراضي العربية المحتلة ومنها مزارع شبعا اللبنانية وغيرها وبالاستناد إلى القرارات الكثيرة الصادرة عن مجلس الأمن وآخرها القرار 1701 الذي بموجبه تم وقف إطلاق النار عام 2006م بين الجانبين. وللدلالة على تأييد اللبنانيين لجيشهم ذلك الترحيب بهم في كل المناطق اللبنانية لاسيما الجنوبية واستقبالهم استقبال الأبطال، بينما عبّروا عن غضبهم من "اليونيفيل" لدورها السلبي خلال السنوات الأربع الماضية في منع الاسرائيليين من الانتهاكات للسيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً. وكانت هذه القوات إما تتجاهل الاحتجاجات اللبنانية، أو ترفع تقارير غير صحيحة عن نشاط المقاومة وتحركات الجيش واستفزازات المواطنين اللبنانين؛ حسب زعمها للاسرائيليين!!.