في النسخة الثانية والمطورة من كتابه«ثقافة القات في اليمن» استخدم الباحث الدكتور عبدالله الزّلب أدواته الابستمولوجية المقرونة بدراسته الأكاديمية ومعرفته العالمة بمجتمعه، ليبيّن لنا أبعاداً أكثر شمولاً في نبتة القات وتداعياتها الراهنة والمحتملة في المجتمع اليمني. العنوان الدال للكتاب يشي مباشرة بمضمونه، ويؤسس رؤيته على روافع من الدقة العلمية والمعلومات الوافرة، والتحليل الراكز، حتى يبدو أن المؤلف ما كتب دراسته الضافية إلا بعد أن ضمن أن له «في كل معسكر قدماً» مما يمنح الكتاب قيمة خاصة تتكابر أمام هذه المشكلة الملحة. ثقافة القات في اليمن مقاربة سوسيولوجية عنوان يتمدد إلى تسعة فصول، وما يفيض عن مائتي صفحة ينتظمها«انفصال - اتصال»بين موضوعاتها المتشعبة، ومراجعها الوافرة، واستبياناتها المتنوعة. يبدأ المؤلف بسؤال مركزي حول الموضوع ، ولماذا هذا الموضوع بالذات؟ وتأتي الأجوبة مباشرة كما لو أنها ترجمان للعنوان ذاته، فالمشكلة الرئيسية في أغلب الدراسات حول القات تتمثل في غياب الدلالات السوسيولوجية، وهو الأمر الذي حدا بالباحث إلى تنكٌّب مشقّة التأصيل المعرفي الابستمولوجي لهذه الظاهرة، دون أن يتخلّى اجرائياً عن كامل المقاربات والدراسات التي قام بها من سبقوه، وخاصة الملامسات السوسيولوجية لجُملة من الغربيين الذين أقاموا في اليمن وقدموا بحوثاً في ثقافة القات. وفي مقدمات البحث وتضاعيفه ونتائجه، نصل الى حقيقة قالها المؤلف صراحة، وتتلخّّص في أُمنيته بأن يكون هذا الكتاب بمثابة «وثيقة وطنية» حول ظاهرة القات، وأنا أتفق معه جملةً وتفصيلاًً حول هذا المقترح، متمنياً معه أن ينال حقه في الدراسة والتعميم.