قال خبراء إرصاد وفلكيون تابعون للأمم المتحدة ووكالات الفضاء الأوروبية والأمريكية والروسية إن فيضانات باكستان التي بدأت قبل أكثر من شهر إثر سقوط أمطار غير مسبوقة أسفرت منذ الأيام الأولى عن انهيارات صخرية وجبلية أدت إلى اختفاء قرى ومدن صغيرة وتصدعات في السدود والحواجز المائية .. باءت المحاولات الأولى ومابعدها لتداركها وإنقاذ السكان والأراضي والمحاصيل الزراعية بالفشل.. ووجدت الدولة الباكستانية نفسها أمام خطر آخر يهدد وجودها على الخارطة ووجدت بعض الجماعات في هذه النازلة الطبيعية بغيتها وضالتها لتقوم بأعمال إجرامية وإرهابية من منطلقات عديدة عرقية ومذهبية وأيديولوجية سياسية فشنت هجمات انتحارية استهدفت مواقع أمنية وعسكرية ومنشآت مدنية اقتصادية ومساجد ومراكز تجنيد للشرطة لمواجهة الفوضى الأمنية التي تشهدها هذه الدولة المسلمة الكبرى منذ سنوات والتي اشتدت حرارتها بعد غزو واحتلال أفغانستان عام 2001 من قبل الولاياتالمتحدة وحلفائها الذين كانوا قد حصلوا على معلومات عن مخزونات أفغانستان من الثروات الطبيعية الهائلة وفي مقدمتها البترول. وقرر العلماء أن كارثة باكستان أضخم من كارثة أندونيسيا عام 2004 والتي اكتسحت الجزر السياحية خاصة جزيرة بالي فابتلعت بعضها بالغرق وكشفت جزراً أخرى بعد انحسار الأمواج, ومع أن الفيضانات قد شملت الهند والصين وبعض دول أمريكا اللاتينية ومن بينها المكسيك والبرازيل ودولاً آسيوية إلا أن هذه الدول تعمل بإمكاناتها المتوفرة مادياً وفنياً على الإنقاذ والإيواء والمصدات وتعيد المجاري إلى طبيعتها بمثابرة ومقدرة بفضل السيولة المالية والاستقرار الأمني والتقدم الاقتصادي والصناعي فلم تطلب مساعدات وفي نفس الوقت لم ترفض العروض المقدمة من بعض الدول بإمدادها ببعض الطائرات المروحية والمواد الطبية لمنع وقوع إصابات أو أمراض عادة ماتخلفها السيول والمياه الملوثة الراكدة أو الجارية.. وتتجه الأنظار إلى الأممالمتحدة وأمينها العام لاقتراح عقد قمة عالمية على رأسها الدول أو زعماء الدول الكبرى لمناقشة هذه التحولات الكارثية في المناخ استمراراً لما كان قد عقد منها قبل سنوات وعلى فترات متقطعة لبحث الاختلال المناخي والاحتباس الحراري الذي ظهر بقوة منذ اكتشاف ثقب الأوزون في بداية الثمانينيات من القرن الماضي والذي اتسع نطاقه بدلاً من أن يضيق بسبب رفض الولاياتالمتحدة بالتحديد التوقيع على اتفاقية تحد من انبعاثات الكربون من مصانعها وبسبب رفضها تلكأت دول صناعية صاعدة كالصين والهند وكوريا الجنوبية وتايوان والبرازيل في الانضمام إلى الدول التي لم تتردد عن التوقيع على اتفاقية كيوتو في اليابان.. إن هذه الأهوال التي يعيشها الباكستانيون والصينيون والهنود والبنجلاديشيون هي جرس إنذار لما هو قادم وأشد دماراً وأوسع نطاقاً بحيث يشمل كل أركان الكرة الأرضية والواجب الأخلاقي والقانوني والمسؤولية الإنسانية يفرض على الدول الصناعية الانضمام إلى بعضها وإلى الأممالمتحدة في بدء المعالجات الملحة الآن لاختصار الزمن الذي قيل إنه يتعدى الخمسين سنة القادمة لإعادة التوازن البيئي والتخفيض الفعلي للانحباس الحراري الذي من آثاره حدوث الجفاف وارتفاع درجات الحرارة بصورة غير مألوفة وانهيار الجبال الجليدية لأول مرة منذ آلاف السنين وذوبانها في البحار والمحيطات.. ولكن قبل ذلك على هذه الدول إنشاء صندوق تأمين ومعها صندوق النقد والبنك الدولي والأممالمتحدة بصورة عاجلة لتقديم المساعدات والقروض للدول المنكوبة وإرسال الخبراء وفرق الإنقاذ المزود بالمعدات والأجهزة والأدوية والأغذية والمختبرات في أسرع وقت ممكن إلى أي مكان في العالم كالباكستان الذي بلغ عدد المشردين فيه أكثر من عشرين مليون نسمة.