إن عودة اللقاء المشترك إلى طاولة الحوار والاستجابة للمبادرة الرئاسية قد أعطى انطباعاً جيداً يفتح المجال تدريجياً لاستعادة الثقة، وسيتعزز هذا الانطباع مع الخطوات العملية التي ينبغي أن تكون متسارعة في سبيل إنجاز المهام الوطنية وتحديد السقف الزمني لإنجازها والآليات العملية التي ترافق ذلك الإنجاز، وستتعزز ثقة الجماهير أكثر مع كل بادرة إيجابية تعزز الوحدة الوطنية وتصون الأمن والاستقرار وتحمي المكتسبات والمنجزات الوطنية، وتمنع الفوضى وعدوى الانجرار خلف المسارات الغوغائية التي تسعى إلى هدم القيم والثوابت الوطنية. إن المضي في الحوار بجدية وإخلاص وتفانٍ هو الطريق الآمن لتحقيق الغايات الوطنية الكبرى، والذي من خلاله يتجدد مبدأ الولاء الوطني, وتتبلور فيه النتائج التي تعزز التلاحم الوطني، وتفوّت الفرصة على من يراهنون على اختلاف اليمنيين، ويحقق النقلة النوعية المتميزة في إجراء التحديث والإصلاح السياسي والانتخابي الذي يعزز من رغبة الجماهير المتطلعة إلى فعل وطني يحقق الإرادة الشعبية المتمثلة في إجراء الانتخابات الحرة والنزيهة التي من خلالها تتعزز المشاركة السياسية الشعبية في صنع القرار السياسي, وتختفي فيه مظاهر التعصب والفتنة، ويزول فيه شبح الخوف من التخريب والتدمير الذي بات شعبنا يرفض مدبريه وعناصره وكل من يروّج له أو يسعى إليه، ويقف لهم بالمرصاد من أجل حماية مكتسبات الثورة والوحدة وصون الممتلكات الخاصة والعامة. إن المرحلة المقبلة لا تحتاج إلى المزيد من التأجيج والشعارات الكيدية ومحاولة المحاكاة للغير أو إسقاط الأحداث على اليمن، بل تحتاج إلى خطاب سياسي وإعلامي عاقل يترفع عن استخدام المصطلحات المثيرة للفتنة أو المحفزة عليها، ولا يجوز بأي حال من الأحوال السماح لأحد التشفي أو ممارسة صب الزيت على النار. وينبغي أن تكون هناك إجراءات داخل الأحزاب والتنظيمات السياسية تمنع التأجيج والإثارة، وينبغي أن يكون الإعلام أداة فعالة في سبيل ترسيخ وتعزيز الولاء الوطني والالتزام بأمانة المسئولية لما من شأنه تحقيق الصالح العام بعيداً عن الأهواء والنزوات الذاتية أو الفئوية أو السلالية أو الحزبية أو المناطقية أو القروية، لأن اليمن أكبر من كل ذلك، ولم يعد أمام الجميع إلا العمل بإيمان وحكمة من أجل عزة ورفعة اليمن وصون أمنه واستقراره ووحدته بإذن الله.