من آيات الله أن خلق الناس جميعاً أحراراً متساوين طيبين أجاويد، وهكذا عاشوا أمداً طويلاً في عيش هانئ ورغيد. ثم عصوه وانقسموا فصار منهم “سادة”، و”عبيد”، وأضحى منهم بائس “شقي”، و”سعيد”، فتعساً لمن جبل على البؤس والشقاء بالطمع الشديد، وطوبى لمن رزق الرضا بالقناعة والطاعة فعاش بين إخوانه فرحاً سعيد. في الناس من يغدو بدوام الرعاية وحسن التربية والقناعة فارساً شجاعاً صنديد، ومنهم من لا يقنع بغير الهوان والذل فيعيش شقياً خانعاً جباناً رعديد. الناس، في هذه الأيام نوعان: شهم شجاع “فريد”، وربما – أيضاً - غير “فريد”؛ فمن حسنت أفعاله، وصدقت أقواله، وعظمت أحلامه باتساع أرض الوطن فهو “فريد”؛ ومن ساءت أخلاقه، وزيفت تصرفاته، واتصفت أقواله بالكذب والتهديد فهو في رأي كثيرين من الثقاة، هل تصدقون؟! أيضاً، غير “فريد”. من الناس من يحمل لك الأنباء السارة والخبر السعيد، وينشر الأمل بغد مشرق وعيش آمن رغيد، ويفتح للحلم نافذة كبيرة، يكون قوله وفعله نافعاً و”مفيد”. ومنهم من يسعى في الأرض فساداً ويعيث فيها دماراً وخراباً، وينشر فيها الأكاذيب والفتن، ويبشر بالبؤس الشديد، فيكون شريراً أو “خبيثاً”، أو بمعنى آخر، قد يكون غير “مفيد”. من بين قصص الثراء والنفوذ الذي بدأت مظاهره في مجتمعنا اليمني تزيد، يروي البسطاء اليوم قصة الشاطر حسن اليمني، وتعرف بقصة “الباشا فريد”. وهي قصة نادرة لتاجر مغامر مدلل وشيخ ثري عتيد، أو ربما بلغة إخواننا في تركيا ومصر “الباشا” العنيد. كان يعيش في وطني على غرار عشراتٍ غيره من الأثرياء في عيشٍ آمنٍ رغيد، وكان يمكنه أن يقنع بما حقق من ثراء ونفوذ ويقدر أن يزيد، فقوانين وأعراف بلادي تسمح له بالمزيد، لكنه كان غولاً مغامراً يطمح أن ينتشر في كل مكان مثل ورم غير “فريد”، فتراه يظهر على قنوات “صعيب”، و”الشريرة” في كل زمن وحين مثل طيف فارسه المغوار القائد “عيديد”، ولسانه يردد كلاماً كله وعيداً وتهديد، وأظنه بكل سطوته يخفي مشاعر الغيرة من أقرانه، أو يبطن في صراخه مشاعر الجبان الرعديد. مشكلة هذا المغامر والشاطر الوحيد، وربما خطأه الذي لن يغفره له سوى ماضي أبيه “الفقيد”، أنه أبى إلا أن يستثمر نفوذه في كل عمل وطني مقتفياً كل أثرٍ ل “عمرو”، و”زيد”، و”مجيد”. وأن يبدد أمواله وثروته لمعونة الشباب في بناء حلم (ه) هم “المجيد”، وأظنه أقسم أن يزيد. وهكذا، تراه كل يوم في شأن “جديد”، يبحث عن إعادة بناء حلم (ه) نا الجديد “باليمن السعيد”، لا يعنيه أن يمر على أشلاء ألف جريح أو شهيد. أعتقده نسي في غمرة بحثه المتواصل عن مجدٍ تليد معنى اسمه فخاله “الباشا فريد”، قد يكون اختلط الأمر عليه، فلم يعد يميز بين اسمه وحلمه، فكلاهما كما يعتقد – طيب الذكر - كان في الأصل “فريد”. وقصة حلمه، أنه ذات مرة خطر “للباشا فريد” أن ينقل كل ما يراه مناسباً لتدشين ما يبشر به للعهد الجديد، وطالت حيرته؛ أتراه يجرب “التقليد” فيبدأ بتجربة أحفاد السلطان “عبد الحميد” عله يحظى بوسام البطولة ولقب السلطان أو “الباشا فريد”، وأعقبها بدراسة تجربة لبنان في عهد عمر الحريري “الشهيد”، أو ربما ظن أنه يعيد تشييد إمبراطورية “هارون الرشيد” في أرض اليمن السعيد، وأنه يسعى لبناء وطن كبير يتسع لأحلام (ه) شعبنا وشبابنا الشرفاء الأجاويد، ويرضي طموح (ه) اتهم في تغيير السلطة عبر “الزحف المقدس” إلى غرف نوم الصناديد، ويشبع نهم (ه) هم للثروة غير عابئ بألف لا، بل بأكثر من ألفي شهيد. عيبه الوحيد أنه بنى وطناً كبيراً تجاوز حدود طموحاتنا جميعاً، لكنه لم يعد يتسع لطموحات الزعامة والتقاسم بين “الباشا فريد”، ورجاله من فرسان الفتوى، وقادة المعارضة الصناديد.