منظمة اممية تنقل مقرها الرئيسي من صنعاء إلى عدن    نيويورك.. رابطة "معونة" تحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان وتطلق ثلاثة تقارير رئيسية    الترب: أخطر مشروع يستهدف اليمن اليوم هو الانفصال    مواجهتان ناريتان بكأس العرب... سوريا أمام المغرب وفلسطين بمواجهة السعودية    نتائج الجولة السادسة من دوري الأبطال    النفط يواصل الارتفاع بعد التوتر المتصاعد بين واشنطن وكاراكاس    الصحفية والأديبة الشاعرة سمية الفقيه    الأجندة الخفية للإعلام السعودي والإماراتي في اليمن    أمريكا تستولي على ناقلة نفطية في البحر الكاريبي    جرائم العدوان خلال3,900 يوم    بيان مجلس حزب الإصلاح وسلطان البركاني    الجنوب راح علينا شانموت جوع    يورونيوز: كل السيناريوهات تقود نحو انفصال الجنوب.. و"شبوة برس" ترصد دلالات التحول السياسي    بيان الحزب الاشتراكي محاولة جديدة لإحياء خطاب الجبهة القومية ضد الجنوب العربي    صحفيون مُحَررون يطالبون غوتيريش منع مشاركة قيادات حوثية بمشاورات مسقط لتورطها في التعذيب    السيتي يحسم لقاء القمة امام ريال مدريد    لا مفر إلى السعودية.. صلاح يواجه خيبة أمل جديدة    إسرائيل تحذر واشنطن: لن نسمح بوجود تركي في غزة    الكاتب الصحفي والناشط الحقوقي نجيب الغرباني ..    مجلس الشورى يؤكد رفضه القاطع لأي مشاريع خارج إطار الدولة    اليونسكو تدرج "الدان الحضرمي" على قائمة التراث العالمي غير المادي    عود يا أغلى الحبايب... يا أغنيةً عمرها ثلاثون سنة ولا تزال تشعل قلبي كلما هبّ اسمها في الهواء    حكايتي مع الدكتور رشاد محمد العليمي.. ملك القرارات التعسفية (وثيقة)    المحرّمي يبحث تعزيز قدرات خفر السواحل لمواجهة تهريب السلاح والتهديدات البحرية    أهمية عودة دولة الجنوب العربي ... بين اعتبارات الأمن الإقليمي وواقع الأرض    فعالية حاشدة للهيئة النسائية في صعدة بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    قبائل حجور وبكيل المير تؤكد الجهوزية لأي جولة صراع قادمة    وزارة الزراعة والثروة السمكية تعلن فتح موسم اصطياد الجمبري    نائب وزير الاقتصاد يطلع على سير العمل في مكتب الحديدة ويزور عددا من المصانع المتعثرة    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل بهيئة الأراضي وخططها المستقبلية    المنتخب اليمني يودع كأس الخليج    صنعاء : تشكيل لجنة لإحلال بدائل للبضائع المقاطعة    الرئيس الزُبيدي يشدد على دور وزارة الأوقاف في تحصين المجتمع ونشر ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال    الرئيس المشاط يعزي في وفاة المجاهد العياني والشيخ شبرين    اليونيسيف تقر نقل مقرها الى عدن والحكومة ترحب    المحرّمي يطّلع على جهود وزارة النفط لتعزيز إمدادات وقود الكهرباء والغاز المنزلي    "اليونسكو" تدرج الدان الحضرمي على قائمة التراث العالمي غير المادي    ندوة بصنعاء تناقش تكريم المرأة في الإسلام وتنتقد النموذج الغربي    بيان مرتقب لقائد الثورة في اليوم العالمي للمرأة المسلمة    "المجاهدين" تطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف سياسة التجويع ومنع الإغاثة في غزة    النفط يحافظ على مستوياته مع تزايد المخاوف من تخمة المعروض    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع ارتفاعًا طفيفًا في درجات الحرارة    نبحوا من كل عواصم العالم، ومع ذلك خرجوا من الجنوب.    مباراة حاسمة.. اليمن يواجه عمان مساء الغد على بطاقة التأهل لنصف نهائي كأس الخليج    اجتماع موسع بصنعاء لتعزيز التنسيق في حماية المدن التاريخية    "ابوك جاسوس".. حكاية إذلال علني لطالب في محافظة عمران    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    اكتشاف أكبر موقع لآثار أقدام الديناصورات في العالم    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    حضرموت.. المدرسة الوسطية التي شكلت قادة وأدباء وملوكًا وعلماءً عالميين    شبوة.. تتويج الفائزين في منافسات مهرجان محمد بن زايد للهجن 2025    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    بدء الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التقيظ الدوائي في شركات الأدوية    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب كأس الدوري الأمريكي    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرض الأحزاب السياسية وإشكاليات العلاج
نشر في الجمهورية يوم 30 - 07 - 2011

تتسم الأحزاب السياسية في اليمن بسمة رئيسية مشتركة طبعت الحياة الحزبية والسياسية بطابع غياب الديمقراطية. هذا الغياب له موروث تاريخي يتمثل بالإقصاء أو الإبعاد.
لقد فتحت السلطة الباب أمام الديمقراطية عام 1990م ودعت إلى تأسيس الأحزاب, لكن المتمعن بجوهر الحياة الديمقراطية في اليمن يجد أنها لم ترق إلى مستوى العمل السياسي القائم على فن التعايش.
نستطيع القول إن الأحزاب السياسية في اليمن قد قامت على أساس الشرعية الثورية أو الشرعية الدينية, وهذا الأمر كانت له انعكاسات كبيرة على مجمل العملية السياسية وعلى بنية الأحزاب السياسية نفسها، وعلى هذا الأساس فإن الديمقراطية لم تترسخ في ثقافة هذه الأحزاب، لأن استمرار منطق الثورة ومنطق الدين, من دون أن يتأثر مفهوم هذه الأحزاب بالحداثة والعصرنة.
إن غياب الديمقراطية أو هيمنة الأفكار التقليدية رافقت مجمل الأحزاب السياسية, التي لم تفكر سوى بالاستحواذ على السلطة ولم تعر اهتماماً للآليات الموجودة في المجتمع بهدف الحصول عليها.
لم تستطع هذه الأحزاب تناول الديمقراطية بطريقة سليمة نتيجة ضغط منطق الثورة وصعوبة تجاوز هذه الأفكار لانعدام الأسس الثقافية لديها, كثقافة المشاركة والاختلاف, مما غدا عصياً على هذه الأحزاب الانخراط بشكل فعلي في دينامية التغيير الديمقراطي السلمي.
ولست بحاجة إلى القول إن حزباً مثل حزب الإصلاح الذي يجمع داخله الإخوان المسلمين والقبائل وبعض التجار قد قبل بالديمقراطية من منطلق الحاجة إليها, وعندما تحقق غرضه رفضها, لأن استمراره في إنتاجها يعد تهديداً حقيقياً لوجوده، وأصبح العنف لغة الإقناع الوحيدة, الأمر الذي جعل سيف الإرهاب مسلطاً على رأس الوطن وأصبحت القاعدة الرئيسية هي قاعدة الإلغاء تحت سيف الإرهاب.
ومثل الإصلاح نظر الناصريون إلى الديمقراطية على أنها ترسبات فكرية برجوازية يجب رفضها, أما الاشتراكي فيرى بأنها مفهوم غربي, لذلك فقد التقى هؤلاء جميعاً في رفضهم للديمقراطية و لجأوا إلى الشارع وقطعوا الطرقات واحتضنوا كل قوى الفساد ومشعلي الحروب.
ولاشك في أن رفض هذه الأحزاب للديمقراطية قد انعكس على بنية هذه الأحزاب وعلى نظرتها للقضايا المعاصرة.
لقد وقفت أحزاب اللقاء المشترك أمام العمل الإرهابي الذي حدث في النرويج قبل سبعة أيام وأصدرت بيان إدانة لكنها لم تحرك ساكناً أمام العمل الإرهابي الذي حدث في مدينة عدن والذي استهدف جنوداً يمنيين.
إن العبرة التي نأخذها من هذا الموقف هي بمثابة تحذير للذين يتصرفون أولاً ويرجئون الفهم إلى مابعد, ولايتبنى الافتراض بأن المعرفة غير مهمة إلا لدى من يعانون ضعفاً في استيعاب الوضع, وبالتالي لايهتمون كثيراً بنتائج أفعالهم.
لقد نجم عن تصرفات أحزاب اللقاء المشترك ثلاث عواقب: أولاً إدارة الظهر للشأن الوطني وجعل الجنود اليمنيين هدفاً للقنص وكأنهم أهداف للصيد, ثانياً, أضفى ذلك الحصانة على أولئك الذين يقتلونهم. أخيراً, أدى ذلك إلى مشروعية قتل الجنود في تعز وعدن وأبين ومأرب والجوف وأرحب وغيرها من المناطق وإلى إضفاء مزيد من الحقد والكراهية ضدهم.. لقد تحولت لغة القتل إلى أداة, بل أصبح القتل بمثابة أيديولوجيا.
لقد ساهمت أحزاب اللقاء المشترك في التعبئة للحرب الأهلية التي أديرت عبر مؤسسة القبيلة واشتركت في هذه الحرب الدائرة المليشيات القبلية والحركات المتمردة المعبأة قبلياً إلى جانب المليشيات الإرهابية.
وعلى الرغم من رفع شعار الدولة المدنية الحديثة من قبل أحزاب اللقاء المشترك وشركائهم من المليشيات القبلية والجماعات الإرهابية إلا أنهم دمروا البدايات الأولى لهذا المجتمع المدني، وقد استغل الانتهازيون والسماسرة المحتالون هذه الفكرة وشكلوا حلقة من التنظيم الأمني الخاص بهم في الحصبة وشارع الستين ومنطقة الجامعة وساعدوا على تكريس الاحتيال.
إننا لم نشاهد أمامنا سوى الهياكل التقليدية المتمثلة بالقبيلة والتسابق على كسب ولاء القبائل وتعبئة الناس على أساس النظام القبلي.
لقد نتج عن هذه الممارسة فراغ نتج عنه خلل خطير وأدى ذلك إلى اختلال في توازن بنية المجتمع, حيث أصبح المجتمع ممزقاً وظهرت ظواهر مرضية خطيرة ذات طابع فئوي ومناطقي وعشائري أصبحت تهدد كيان المجتمع بالتفسخ بسبب الصراع القائم. ولاننكر أن هذه الأحزاب حاولت ركوب موجة هذا الصراع, بل وتغذيته للحصول على منافع سياسية آنية.
وقد بدا واضحاً أن استمرار الحركات الاحتجاجية من قبل الشباب الذين كانوا سبباً رئيسياً لمنح هؤلاء القوة قد ساعد على زيادة الصراع والتنافس بين هذه القوى.
وهاهو المجتمع يعود إلى صورة الصراع السابق على تكوين الدولة المركزية في ظل مناخ التدهور العام للدولة التي أصبحت عاجزة عن تلبية حاجيات المجتمع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
نحن أصبحنا وجهاً لوجه أمام خطر انهيار الدولة والفوضى السياسية والاجتماعية, وربما خطر الحرب الأهلية.
إن أحزاب اللقاء المشترك تنطلق من فضاء عدائي ورفض مطلق للحوار بما ينم عن عمى التفكير والتخطيط المسبق لتفتيت الدولة.
لقد استطاعت فترة علي عبدالله صالح دمج هوامش الرفض التي أفرزها نهج التحديث, على الرغم من عجزها عن تقديم مشروع مجتمع فعلي يجسد بوضوح وإحكام التوجه التحديثي، فجاءت هذه الأحزاب لتعيدنا إلى مربع الصفر في بناء الدولة واللجوء إلى الحركة الانقلابية التي لاتحمل مشروعاً سياسياً.
إن الدولة الوطنية في اليمن تقف أمام منعرج حاسم من تاريخها, الأمر الذي يضع كل قوى التحديث ومعها الشباب المستقل أمام مسؤولية جسيمة تتمثل في رسم مشروع حضاري ومجتمعي متكامل للبلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.