يعتبر البرنامج العربي الشهير “خواطر” وبأجزائه المختلفة من أجمل البرامج الثقافية وذات الطابع النقدي وكذا يعتبر من البرامج المفضلة لدى الكثير من المشاهدين وذلك لأن البرنامج يعطي للمشاهد العربي صورة متكاملة لمقارنات ايجابية وسلبية فيما بين المؤسسات الإنسانية والاجتماعية “الخدمية” وعلى المستويين العربي والأجنبي.. فمثلاً أعطى البرنامج في إحدى حلقاته المشوقة صورة انطباعية وايجابية عن المدارس الحكومية في إمارة دبي بدولة الإمارات الشقيقة وما تقدمه من تعاملات خدماتية وذات أنماط “إنسانية وتعليمية ونفسية” ولكل المنخرطين في العملية التعليمية “الإداريين والمدرسين والطلاب وأولياء الأمور..” وتهدف هذه التعاملات وبدرجة أساسية إلى رفع مستوى سقف التفاؤل لدى هذه الفئات ولأعلى درجات الرضا والطمأنينة والاستقرار وذلك من أجل الترغيب والتحبيب بالتعليم كمهنة إنسانية وراقية وأداة هامة وضرورية لمن أراد الاستزادة من بحور العلم والمعرفة وتجنيبهم من الوقوع في فخ ظاهرة “التسرب من التعليم” ومساعدتهم على تنمية مختلف قدراتهم الذهنية وعن طريق استخدام أساليب تدريسية “حديثة ومتطورة” تواكب وتوازي نفس تلك الأساليب المتبعة لدى مدارس الدول المتقدمة الخ. ولا أخفى عليكم أنني عندما شاهدت هذه الحلقة بالذات، أصابتني حالة من الحسرة والتألم على الواقع التعليمي في بلادنا، وفي نفس الوقت شكلت في ذهني العديد من التساؤلات “الأمنياتية” بدءاً من سؤال “ متى..؟!” وانتهاءً بسؤال “ يا هل ترى ؟!” ولكن هذا الشعور التشاؤمي انخفض مستواه قليلاً وذلك عندما علمت بأنه توجد في بلادنا مدارس حكومية تقدم خدمات إنسانية لكل من يرغب بالتعلم لديها.. إلا أن هذه الخدمات لا ترق أبداً إلى نفس مستوى الخدمات التي تقدمها المدارس الحكومية في دولة الإمارات الشقيقة..ولكنني أعتبرها خطوة إيجابية وبادرة طيبة وتبشر بأن مدارسنا الحكومية قابلة للتطور في أساليبها ومعاملاتها، ومن هذه المدارس (مدرسة ناصر بتعز) والتي اعتبرها (ومن وجهة نظري) أنموذجاً حقيقياً وإيجابياً للمدارس الحكومية في الوقت الراهن وذلك لأن إدارتها المدرسية وبقيادة مديرها الأخ عيسى محمد أحمد طاهر قدمت ومنذ بداية عامنا الدراسي الحالي تسهيلات إنسانية وخدماتية والتي تراعي الجانب المادي لدى كل من يرغب التعلم لديها..ومن أبرز هذه التسهيلات. مساعدة الأيتام وأبناء الأسر الفقيرة وإعفائهم من رسوم القيد والتسجيل وينطبق ذلك أيضاً على الأيتام والفقراء الذين لا تمتلك أسرهم بطائق خاصة بالشئون الاجتماعية ..حيث تقوم إدارة المدرسة بإجراء دراسة شاملة لحالة الأسر الفقيرة والتي تريد تسجيل أبنائها في المدرسة. تسجيل الطلاب المنقولين من المدارس (الخاصة) ومعاملتهم بنفس المعاملة التي يتلقاها الطلاب المنقولين من المدارس الحكومية حيث لا يفرض عليهم أية زيادة في رسوم التسجيل ولا تجبر أولياء أمورهم على القيام بإصلاحات داخل المدرسة مقابل تسجيل أبنائهم كما يحدث في بعض المدارس.. تسهيل إجراءات عملية القيد والتسجيل والإسراع فيها وخلوها من أساليب المماطلة والتعقيدات وذلك حتى لا تكون مصدر نفور وإزعاج لأولياء الأمور..وكذا تسهيل إجراءات سحب ملفات الطلاب من المدرسة وبدون أخذ أي مقابل مادي على ذلك..وغيرها من التعاملات والتسهيلات الإيجابية والطيبة.. وطبعاً فإن إشادتي وثنائي بمدرسة “ناصر” بتعز واختياري لها كإنموذجاً إيجابياً..لم يأت من باب المجاملة والنفاق لأنه لا تربطني بها أية صلة لا من بعيد ولا من قريب وليس لي إبناً يدرس فيها وإنما إشادتي بها جاءت نتيجة لاستماعي وعن طريق الصدفة لمجموعة من الآباء وهم يتبادلون الحديث فيما بينهم ويشيدون بمدرسة “ناصر” والإجراءات الطيبة التي قامت بها..حينها هزني فضولي العفوي بسؤال هؤلاء الآباء عن مكنون هذه الإشادة فكانت إجاباتهم هي نفس التسهيلات التي تطرقت إلى ذكرها آنفاً..ولذا فإنني أتمنى أن تحذو بقية المدارس حذو مدرسة”ناصر” بتعز في مجال التعاملات الإنسانية والاجتماعية وتتسابق فيما بينها في إيجاد طرق وأساليب مثلى من شأنها المساهمة وبشكل فاعل في تطوير العملية التعليمية والتربوية في وطننا الحبيب.