الكثير منا في مثل هذه الظروف القاسية يسكنه القلق المتواصل وهو يسعى من أجل لقيمات يقمن صلبه هو ومن يعول،إذ إن مايتحصل عليه الموظف في ظل النقلة غير المسبوقة في أسعار المواد الغذائية لايكاد يغطي احتياجات نصف الشهر،لكن الاستدانة من “البقالة” تحضر هنا لا لتحل المشكلة بل لتجعل عجلة الحياة مستمرة في الحركة أو لتواصل تشغيل الفيلم، إن صح التعبير. وخير مانصف به هذا الوضع هو أن نقول:إننا رضينا بالهم ولكن الهم لم يرضَ بنا، ذلك أن هموماً أخرى تأتي مع مجيء بعض المواسم مثل موسم العودة إلى المدرسة وموسم الملابس الشتوية وموسم عيد الأضحى الذي سيزورنا بعد أيام. هذه الهموم تأتي لتنافس هموماً مستحكمة على الصدور فتُظهر العجز المفزع في الميزانية التشغيلية لحياة الأسرة ويبدأ مسلسل الاقتراض الذي لايستطيع رأس المال (الراتب) أن يعالج مشكلته لأن هناك جيشاً من الالتزامات بانتظاره مثل صاحب البقالة وصاحب الصيدلية وفواتير الماء والكهرباء واسطوانات الغاز وغير ذلك مما نحن نعرف. في هذه الأيام لدينا هموم ماقبل عيد الأضحى من أضحية وملابس للصغار ومستلزمات أخرى تفرض وجودها في نهار العيد ثم أن البعض قد يسافرون إلى الريف لقضاء إجازة العيد هناك لأنه في العُرف ( عيد كبير) يستلزم زيارة الأهل بخلاف عيد الفطر، وهذا السفر يحتاج إلى ميزانية خاصة لاسيما مع تضاعف أجور النقل إلى الضعف أو أكثر فكيف إذن يستطيع الموظف البسيط أن يدخل السرور إلى قلبه ويرسم البسمة في وجه طفله ويعمر يومه بوصال الأحبة هارباً من واقع مرير ليس فيه إلا شؤم الجرائد ولعلعة المدافع ومكرور الحديث عن السياسة . إنها مشكلة كُتب على إنسان اليوم أن يعانيها لأن إنسان الأمس كان وضعه آخر ، لكن ومع ذلك قد يقال (نحن عايشين) وبرغم ما آلت إليه أوضاع البلد إلا أننا نأكل ونشرب والشوارع مكتظة بالناس الذين يبيعون ويشترون، أي أن قطار الحياة لم يتوقف ، والبعض يقولون: أن من خصوصيات هذا البلد أنه محفوف برعاية إلهية خاصة إذ لو أن مايحدث في بلادنا يحدث في مجتمع آخر (...) لكان الأمر شيئاً آخر، أنها عناية الله ورحمته باليمنيين. إن هذا صحيح .. غير أن بلداً مباركاً مثل اليمن وشعباً عظيماً مثل اليمنيين أليس من حقهم أن يستريحوا قليلاً من هموم(اللقمة) كم سيظل الفقر يطحن أقواماً ليسوا عاطلين ، بل يعملون باستمرار ومع ذلك لايستطيع الواحد منهم الوفاء باحتياجات أسرته الضرورية لا الترفيهية . هذه المرة دعونا من مناشدة التجار والمحتكرين والمؤجرين لنطرق باب الواحد الأحد الذي يغالي ولا يحتكر وخزائن ملكه لا تنفد، ليكون قولنا فحسب: ربنا فرّج عنا ما نحن فيه ، فأنت وحدك من يسمع ويرى ويستجيب الدعاء .. أما التاجر فلا يرى سوى المغالاة والاحتكار والمؤجر لا يعرف سوى طرق الباب والصراخ على الأطفال (أين أبوكم .. أين الإيجار!!!)