قال لي صاحبي الشاب المفعم بالإندفاع والحماس: ..يا أستاذ- الثورة لم تحقق الأهداف الثورية المرجوة منها التي خرجنا من أجلها، واستشهدنا في سبيلها أملاً في التغيير الذي لم يغير إلا الأسماء و“الماركة عنها لم تمس” بمعنى أن النظام الصالحي مازال يكرر ويعيد إنتاج نفسه الأمارة بالسوء مُتقوياً بحرسه، وأمنه، ومراكز قواه المهيمنة على المفاصل الاستراتيجية سعياً لجرجرة البلاد والعباد إلى المربع الفوضوي المجنون لخلط الأوراق!! وما تشهده الساحة اليمنية هذه الأيام من قتل وتشريد للأبرياء في العديد من المحافظات، ناهيك عن الإختطاف للناس، والزج بهم إلى المعتقلات بدون أي مسوغ قانوني ..و إحداث التقطع في الطرقات الرئيسية والفرعية، والسلب، والنهب، وبروز عامل الثأر، وإشاعة الخوف، والغلاء الفاحش بين أفراد المجتمع...كل هذه الويلات مجتمعة تحدث ولا من مجيب...فأين نحن من الثورة..وأين الثورة مما يهدف إليه الثوار في ساحات التغيير والحرية؟! قاطعت صاحبي قائلاً: الثورة ماضية في طريقها حتى استكمال أهدافها ..وما نلمسه اليوم على أرضية الواقع العملي لا يعد سوى أنه زوبعة في فنجان ..يمارس عبثاً من قبل مخلفات النظام المخلوع الذي يفرز بقايا سموم وأحقاد أمراضه النفسية الملوثة بالدماء، ونهب ثروات هذه الأمة على مدى ثلاثة عقود من الزمن وتزيد قليلاً من أجل تشويه الحقيقة الثورية محلياً، وإقليمياً ودولياً..ويتوهم هذا النظام المرفوض والمنزوع أنه بذلك سيعيد ما كان بأساليب أخرى...إنه المستحيل ...وأردفت قائلاً:الثورة حققت نقلة نوعية كبرى في شتى المجالات...فمسألة الحرية التي ننعم ونتفيأ بظلالها الثورية الورافة إنجاز ثوري عظيم يتجسد فيما نقوله اليوم عبر هذه الصحيفة التي أصبحت “جمهورية الثورة” ورئة أحرار وثوار فبراير العظيم الذي تمخض عنه الرئيس المنتخب وحكومة التوافق الوطنية،والآن وليس غداً تنفيذ إعادة هيكلة الجيش لضمان حماية سيادة واستقلال الوطن لا الفرد...هذه البداية الثورية سبقتها المزيد من الخطوات الثورية التي لولا ملايين الشباب لما كانت ..ألا يكفي هذا ..؟! قال لي صاحبي مقاطعاً: منذ انتخاب الرئيس عبدربه منصور هادي الذي كنا ومازلنا نأمل فيه ومنه تحقيق المزيد من الإنجازات، والقرارات الحاسمة انتصاراً لدماء ودموع، وأحلام هذا الشعب الثائر والصابر العظيم التواق إلى سرعة التغيير ..لا أخفيك بأنني قررت مقاطعة قناة اليمن الأولى التي أصبحت “قناة لتلقي التهاني للرئيس،وإرسال التعازي لأسر الموتى”..أين القرارات الجمهورية الحاسمة التي تشعرنا بأن الرئيس الجديد الطالع من بين آلاف الشهداء، الملبية للثوار الأحرار ومطالبها الثورية ستكون أولى أولياته..أما أخبار الاستقبال والتوديع لا تهمنا بشيء ...نريد مع احترامي للجميع اليمن الجديد الخالي من الاضطرابات و الإبرار بالقسم ...وأنه لو تعلمون عظيم.