قرأت خبراً يقول بأن رئاسة مجلس النواب رفضت طلباً لبعض أعضاء مجلس النواب الممثلين لمحافظة تعز بإدراج مشروع تحلية مياه تعز ضمن جدول أعمال المجلس، ومثل هذا الرفض لمشروع قد أعلن منذ ما يزيد عن خمس سنوات وتحديداً في المهرجان الجماهيري الذي أقيم في ميدان الشهداء بمدينة تعز بمناسبة عيد الوحدة 22 مايو وتمويله قد رصد من خلال تبرعات المرحوم الأمير سلطان بن عبدالعزيز بمبلغ “250” مليون دولار، وكذا مساهمات شركات ورجال أعمال من أبناء المحافظة. ومثل هذا الرفض قد يوحي للكثير العديد من التساؤلات والتأويلات، ومنها: ماهو السر وراء ذلك مع علم الرافضين لإدراج مشروع تحلية مياه تعز أن المدينة تعاني ومنذ عقود من أزمة مائية خانقة أثرت كثيراً على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت مدينة تعز بفعل هذه الأزمة تمثل بيئة طاردة للاستثمار بمختلف توجهاته، ولهذا عاشت المدينة ومازالت تعيش حالة من الركود والانكماش الاقتصادي والسياحي. إلى هؤلاء الرافضين أو المتلذذين بما يعانيه أبناء مدينة تعز من ظمأ طال ليله ونهاره نقول لهم ونذكرهم بأن مدينة تعز تعاني اكتظاظاً سكانياً كبيراً، لأنها ملتقى وعبور لما يقارب من أربعة ملايين نسمة هم عدد سكان المحافظة، وهي أكبر محافظة من حيث عدد السكان بالإضافة إلى الوافدين إليها من مختلف محافظات الجمهورية. نذكر أولئك الرافضين بأن مدينة بل ومحافظة تعز عموماً هي من أعطت أكثر من غيرها وتحملت الكثير في إنجاح كل فعل وطني وصلت إليه اليمن.. مدينة تعز والمحافظة عموماً هي المخزن البشري الكبير الذي أمد بقية محافظات الجمهورية منذ الستينيات وحتى اليوم بالكثير من الكفاءات والخبرات والتي كان لها الدور الكبير والفاعل في عملية البناء والتنمية. إلى أولئك الرافضين نقول اخرجوا من مكاتبكم الفخمة وترجّلوا من سياراتكم الفارهة وانزلوا إلى هذه المدينة الحالمة وهي حقيقة لا تحلم إلا بقطرة الماء لتروا وتشاهدوا الأطفال وقد انحنت ظهورهم جراء حملهم “دباب” الماء التي ينقلونها من المساجد ومن مصادر أخرى كل هذا على حساب ذهابهم إلى مدارسهم، انزلوا إلى هذه المدينة العطشى لتروا النساء وقد تركن أعمالهن المنزلية ليظللن لساعات خارج منازلهن بحثاً عن عشرة أو عشرين لتراً من المياه.. ألا تكفي مثل هذه العذابات التي يعانيها مواطنو مدينة تعز بأن يحظوا بشربة ماء من خلال مشروع تحلية المياه والذي معظم تكاليفه أصلاً أتت من الهبات والتبرعات..؟! وأنا أكتب هذه السطور عادت بي الذاكرة إلى ميدان الشهداء أثناء الاحتفال بعيد الوحدة قبل سنوات وشاهدنا الأخ حمود الصوفي محافظ المحافظة وهو يعلن أمام الأشهاد والعالم كله بأن تعز سوف تشهد تحقيق عدد من المشاريع الاستراتيجية ومنها تحلية مياه البحر، ومنذ ذلك التاريخ لم نلمس أي فعل لتحقيق ذلك، وما نخشاه هو أن يتراجع المتبرعون لهذا المشروع وتكون المدينة قد خسرت مشروعاً استراتيجياً لا يمكن تعويضه.. واستدراكاً لكل ذلك فإن المسئولية تقع على نخب تعز ومثقفيها ومشائخها ووجهائها لمتابعة المشروع.