يغيب العقل وتحضر المزايدات.. تتعثر جداً أحلام الغالبية بالدولة المدنية المنشودة، وتترسخ أكبر بالمقابل آمال أصحاب المشاريع الصغرى. كذلك من يبرهن على جودة الطائفية الإيرانية يعد مثقفاً تالفاً، أما من يعتقد بأن السعودية ستؤدي إلى حل أزمة الاندماج الوطني مثلاً فهو يثير الشفقة الساخطة بالتأكيد. من هذه الزاوية تحتاج اليمن لروح نضالية جديدة، كما على الأخطاء التاريخية ألا تتكرر بالمقابل. ولنناضل معاً من أجل المواطنة المتساوية؛ حتى نشفى من ذلك الجرح التاريخي المفتوح الذي يهزأ منا جميعاً. المواطنة المتساوية كعلاج حقيقي للمجتمعات الواعية بعبثية قيحها المعيق للتقدم. على أن واقعنا يحتاج إلى تثوير مزاج التنوير جداً، ومن غير المعقول بالطبع أن تصير النخبة فاترة حيال من يريدون عودتنا إلى مربع الصفر، مربع الافتتان التاريخي بالتخلف واللاتعايش. أيضاً نعرف تماماً بأن أنصار الله ليسوا مزاحاً، وهم يريدون أن يكونوا مصيراً، كما أن أنصار الشريعة يريدون أن يكونوا قدراً راسخاً لا فكاك منه.. وبالطبع ليست هذه البلاد التي حلمنا بها، ففي الحالتين يتم التشنيع بفكرتي القانون والمواطنة المتساوية على نحو رهيب. لذلك نريد بلاداً مختلفة لا تمجد العنف أو الإقصاء؛ إذ لا براءة لمن يعاندون الوطن أو يستخفون به، مرجحين كفة حمقهم المذهبي على حساب كفة الوطنيين المتوحدين بأحلام “السعادة الوطنية”. ثم إن كل عمامة سوداء ستتشفى بنا بكل حقد، وكل عمامة بيضاء لم تحدث نمطاً آخر للعيش دون فتاوى التخلف والدم للأسف. وبالمختصر: لننحاز بشرف للضمير الوطني كمثقفين وكساسة وكثوار.. ولننقد بشجاعة هذا المناخ الفكري المحرض على عدم اتساقنا الوطني الذي يؤدي استمراره فقط إلى تفاقم بهذلة السيادة الوطنية على نحو مهين لا يجلب أدنى شيء من قيمتي العزة والتطور التي نريد.