الدماء والأرواح التي يتكبدها أبناء هذا البلد خسارة فادحة لم تتوقف منذ أكثر من عام وهي نتيجة لخلافات سياسية وشخصية بالدرجة الأولى،انعكست على الجوانب الأمنية،وقبل ذلك فتحت أبواب تصفية الحسابات، وللأسف الشديد أصبحت “الرصاص” هي اللغة السائدة،وهي الحلول المفضلة عند البعض،وسهلت هذه الأوضاع للمجرمين طريق القتل والعنف والتدمير. أصبحت مهمة حفظ الأمن في طول البلد وعرضه عملية بالغة الصعوبة،ثم لايمكن السيطرة على الأوضاع في ظل كل هذه الحسابات المفتوحة مهما كانت الأجهزة الأمنية قوية وحذرة ومهما تكن إمكانياتها وتجهيزاتها. ما يحدث هو انهيار لمنظومة السلم الاجتماعي بدأت كمماحكة سياسية وأوراق ضغط سياسي ثم تطورت لتضم الجانب الشخصي في حسابات قبلية وعائلية،وتطورت الأزمة وتعقدت الخلافات وتوسعت رقعة الانقسام وزادت مساحة التجاذبات، وهذا هو المناخ المناسب لنزيف الدماء وخسارة الأرواح والممتلكات. كل الجماعات والتنظيمات المتطرفة والتي تؤمن بخيار العنف ولغة “الرصاص” والأحزمة الناسفة وغيرها وجدت في هذا المناخ السياسي والأمني ملجأ خصباً لممارسة غوايتها في القتل والتدمير، وما لم يتغير هذا المناخ السيئ فسوف تظل فاتورة الخسارة مفتوحة وسوف تتعاظم الخسائر أكثر وأكثر، وما لم يجر تصحيح المفاهيم والثقافة الداعية إلى العنف والعنف المضاد التي استخدمت طيلة الفترة الماضية وما كان ينبغي استخدامها حيث لا شيء يستدعي كل تلك الأحقاد والشرور في علاقات أبناء الوطن الواحد. لقد تمردت تلك المفاهيم والثقافة ولم تعد تأتمر للذين بدأوا بتوجيهها نحو المسار الخاطئ أول مرة، وأخشى أن تتمرد أكثر وتتوسع أكثر وتزحف نحو مناطق وعقول لم تكن تعرفها من قبل وهذا الذي يلوح في الآفاق، وسيصبح الجميع ضحايا لهذا الواقع الذي يُصنع في مرحلة خلاف وتصفية حساب دون إدراك لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع. علينا أن نُحصي خسائرنا منذ عام ونصف، إن استطعنا وهي خسائر هذا البلد بصورة عامة أرواحاً ودماءً، ومقدرات مادية لنكتشف إلى أي مدى انتصر الشيطان علينا وإلى أي درجة وصل بنا التعصب والغباء؟ وعلينا أن نتصور كم سنخسر إذا استمر هذا الحال لأعوام قادمة؟. كل تلك الخسائر كان يمكن توفيرها لو لم نسمع داعي الشر وعصبيات الجهل وأصوات الغرور، ولولا تلك العنتريات التي مهدت الطريق نحو المزيد من الخسائر لكنا في حال أفضل، وكنا وفرنا ماخسرناه لمصلحة البلد والناس جميعاً. لاينبغي لأي طرف ولأي حزب أن يحصي خسائره فقط حتى لاتكون النتيجة مضللة وحتى لا نستسهل الخسائر ونستهين بها، وعلى الجميع أن يفكروا بطريقة أفضل باستحضار جملة القيم والمبادئ النبيلة ليدركوا حجم المصاب ويحسوا بمن خسروا فلذات أكبادهم وأحبتهم وأموالهم ومساكنهم حينها سيدركون كم هي الخسارة فادحة!!