زارني والد «صلاح » بعد أن طلب مقابلتي لمناقشة وضع ابنه الذي يدرس في الصف السابع، استقبلته ، وبدأ يشرح لي مشكلته مع ابنه وعدم تفاعله مع من حوله ، ومدى قلقه من انطوائه ويود أن تساعده الاخصائية الاجتماعية في امر ابنه! فقلت له:ولكن صلاح لايعاني مما تقوله في المدرسه !!هو تلميذ نشيط جداً ويشارك في أكثر من جماعه داخل المدرسة فهو رئيس جماعة الكشافة وعضو جماعة البيئة.!!قال أبو صلاح : يا أستاذة الولد سيدفعني أنا ووالدته إلى الجنون لا يتفاعل معنا في البيت ، دائماً نراه ساهماً ! بالأمس حاولت والدته أن تخرجه من عزلته والاختلاط بإخوانه ومجاراتهم في لعبهم ومرحهم دون فائدة...حاولت أن تكسر حاجز الصمت الذي يحيط نفسه به و سألته: ماذا تحب أن تأكل على العشاء ؟ فرد عليها: أي شيء . حاولت أن تحفزه أكثر دون فائدة مما دفعني للصراخ عليه بأن يكون رجلاً وأن يرد على أمه متجاوباً معها وعنفته قائلاً : كم أنت بليد يا ولدي..!!قلت له: يا أبا صلاح ما هكذا نحل مشاكل أبنائنا، أطلقت عليه صفة البلادة وجعلته يعتزلكم أكثر و أكثر، نحن عانينا في البداية من عدم تفاعل صلاح مع زملائه أو المعلمات ،كان تلميذاً وحيداً أغلب الوقت ،وتتذكر أننا استدعينا والدته لنرى هل يعاني من مشاكل في المنزل، جلست معه الاخصائية وبعد أكثر من جلسة توصلنا إلى فهم نفسية صلاح وبدأنا في إيجاد الحلول لدعم وتشجيع علاقاته داخل المدرسة. ابنك صلاح تلميذ سلبي في التعامل مع الغير، فالأطفال السلبيون مقاومون لأي محاولات لدمجهم في المجتمع المحيط بهم وهم كتومون جداً يحتفظون بأفكارهم ومشاعرهم لأنفسهم ومن الصعب إثارتهم ،وتلاحظ أن صلاح يجلس في غرفته فترة طويلة لا يعبر عن آرائه بسهولة، هذا لا يعني أنه بليد بل هو تلميذ حساس وقوي وسلبيته في التعامل مع الغير نابعة من الخوف من الفشل.لقد رسمنا خطة مع مربية صفه لإرجاعه إلى العالم المحيط به في المدرسة وهذا ما يجب عليك كأب أن تحاول أن ترجعه إلى العالم العاطفي الذي يحيط به(أنت ،أمه ،إخوانه) فالصراخ وتوجيه الكلمات الجارحة والتوسل والإلحاح وغيرها لا يجدي مع صلاح ، فابنك يملك قدرات وقيماً أخلاقية عالية، ابن معه علاقة ولا تأمره .حاول أن تكون صادقاً صابراً خفف من الضغط عليه .. اجعله حاضراً معك دائماً، أوكل إليه مسئوليات فهي السبيل الوحيد للخروج من سلبيته تجاه الغير. ودمتم ،،،