وإبان الاحتلال البريطاني لعدن ومعاهدات الحماية ظهرت الأحزاب السياسية والجمعيات والنوادي الرياضية والفرق الموسيقية وهي عبارة عن(هويات) أو (مشاريع صغيرة) وبها ازدهرت عدن، وفي نفس الزمان كانت تعيش وتتعايش(23) إمارة وسلطنة ومشيخة وحاول البريطانيون صناعة(هوية عامة لها) في 1959م الاتحاد الفدرالي والذي واجه اعتراضات قوية من الحركة السياسية الفاعلة.. وبعد الاستقلال تم إقصاء الأحزاب السياسية بما في ذلك جبهة التحرير التي ساهمت في حرب التحرير وبنفس الآلية الشمولية تم القضاء على الفدرالية الناشئة لمصلحة الدولة المركزية(جمهورية اليمن الجنوبية) 1970-1967م وبعد ذلك جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1990-1970م سابقاً وفي 1975م أجهز على التعددية الحزبية وظهر التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية حيث اكتسبت الأحزاب الأخرى شرعية وهم الاتحاد الشعبي الديمقراطي والطليعة الشعبية وفي أكتوبر 1978م اختفت هذه الشرعية وحلت محلها شرعية الحزب الاشتراكي اليمني الذي اعترف به الدستور كقائد وحيد للدولة وكان ذلك يعني تحريم وتجريم التعددية الحزبية. وبعد 1990م تخلى الحزب الاشتراكي عن نهج الواحدية الحزبية وأعترف بالتعددية الحزبية وكما جرى فقد تم أيضاً في 1998م الاعتراف بوجود التيارات السياسية داخل الحزب استجابة للتغيرات التنظيمية والفكرية والسياسية وبسبب حرب 1994م التي دشنت الانقسام الجغرافي داخل الحزب (شمال وجنوب) وخلال الفترة الممتدة من 1994م وحتى الآن برزت كبيانات متعددة في المحافظات الجنوبية عبرت عن هويتها التنظيمية والفكرية والسياسية بوصفها كيانات تناهض الحزب الاشتراكي بصيغته القديمة – المركزية، وهذا الوضع لم يرق للقيادة المركزية التي ظهرت بعد المؤتمر العام الخامس 2005م جالبة إدارة مثقلة بالهموم الحزبية والسياسية والاقتصادية وأبرز هذه الهموم الطغيان العسقبلي – العائلي الذي استفز كل مكونات البلاد السياسية والاجتماعية والثقافية حيث أفصح هذا الطغيان عن استراتيجية سيئة للفساد والتوريث مما أدى إلى افتعال المواجهات السياسية والفكرية ثم العسكرية في صعدة وتزامناً مع ذلك تفجر الاحتقان الخطير في المحافظات الجنوبية شاهراً القضية الجنوبية بصفتها كائن حيوياً خارج سياق العملية السياسية في صنعاء وخارج سرب الحزب الاشتراكي التي عجزت القيادة الجديدة من البحث في أبجديات الحلول الضرورية وليست الناجعة 100 % لهذا التسرب، وكان الخطاب السياسي جزءاً من المشكلة المعقدة بل وأضفي على المشكلة تعقيدات أخرى ومنها التحالفات غير المستقرة. وجدير بالإشارة أنه في 1998م قدمنا مشروع حل للانقسام الجغرافي داخل الحزب الاشتراكي على صفحات(الثوري) تحت عنوان(فدرلة الحزب الاشتراكي) أي نقل الحزب إلى مستوى من الحيوية والفعالية في مواجهة التطورات السلبية للعملية السياسية التي يتحكم في مفاصلها تحالف القوى التقليدية – العسقبليون+شيوخ الاقطاع السياسي وفقهاء الجريمة ويقضي المشروع جغرافيا حصول منظمات الحزب في المحافظات على استقلالية فدرالية تقود نشاطها وسياستها وفق متطلبات المنطقة وتكون مجموع الفدراليات، فدرالية الحزب العامة أو العليا، غير أن العقلية الشمولية القيادية لم يقف أمام هذه الأفكار لمناقشة إمكانية التعامل معها تدرجاً وصولاً إلى ما هو أصوب وأفضل لحزب بحجم الحزب الاشتراكي. وواصلت الفقرة في جزءها الآخر تعسف الأحداث والوقائع وتركيبها تركيباً تلفيقياً تقتضي المصارحة والشفافية تفكيكها وإخلاءها حتى لايستمر اللبس المخلوق من الحقائق، إذ يقول النص(مع العلم أن الحزب الاشتراكي هو الذي حمل قضية الجنوب منذ نهاية حرب 1994م، بل من قبل ذلك ومنذ أن قاوم فكرة دمج المؤتمر والحزب في تنظيم واحد بعد الوحدة، وطالب عوضاً عن ذلك بإقامة دولة الوحدة على القاعدة التي يكون فيها الجنوب طرفاً في المعادلة الوطنية، وهذا يرد على من يزعمون أن الحزب الاشتراكي تخلى عن الجنوب مقابل السلطة..). الذين (يزعمون) ياترى من هؤلاء الذين (يفترون) على الطوطم ويرفضون أو يتمردون على (التابو) في الخطاب المقدس!؟ هؤلاء هم الانفصاليون الذين يرفعون شعارات تتعارض مع (المشروع الوطني الكبير) هم(أصحاب المشاريع الصغيرة) الذين غدر بهم في حرب 1994م هم خونة ينبغي إخراس ألسنتهم وقمع إرادتهم وإذلالهم.. هم أولئك الذين تحولت حياتهم إلى جحيم لايطيقون العيش خارج الحق وانتزاع حقوقهم وحرياتهم.