عندما كانت لفظة “حزبي” إشتراكياً أو ناصرياً إخوانياً أو بعثياً أو غيرهم, كلمة محرمة و تهمة قد ترمي بك في غياهب السجون لسنوات بتهمة الاخلال بالأمن الوطني و زعزعة استقرار الدولة و ربما الكفر و الشيوعية و الإلحاد و «العلمانية المرادفة تماماً للكفر برأيهم» و معاداة الدين القويم. عندما كانت هذة التهمة اللذيذة يمارسها من وراء جدر و يتحمل في سبيلها المر و الأمر عشاق الحرية و عباد الكرامة و الحالمون بالوحدة التي تجعلنا أقوى. كانت خطيئة شهية و ذنباً يتباهى باقترافه الشباب المثقف و المتطلع إلى غدٍ أفضل و تصبح آثار أقدام “زوار الفجر” على خاصرته و رأسه أوسمة يحملها لأبنائه و أحفاده. ما الذي تغيّر ما الذي ذهب و ما الذي تبقى؟ أكانت كل قصص الكفاح و النضال كذبة و افتراء ,أيمكننا أن نعترف أن الشمولية و القبلية و الجهل و الإرهاب تفوقوا و هم يشربون الآن نخب انتصارهم , و أن التطرف و العصبية سادت الموقف و أصبحت الخلافات الشخصية و المصالح الآنية هي الأصل وما دونها استثناء. أتغيب أو تُغيب مصلحة الوطن في معممة الإنحياز و التعصب الأعمى لطرف دون الآخر؟ أحقيقة أن الثورة التي ذهب ضحيتها الكثير و توقف في وقتها بلد هو في الأصل متوقف عن الحراك للامام منذ أكثر من “33” سنة لم تنتصر و لم تحقق شيئاً من أهدافها ؟ هل انتحرت الثورة كما انتحرت كل الحركات الثورية التي سبقتها , هل نحن في حالة ارتداد للخلف بعد كل ما حدث ,هل الحس الوطني والرغبة الحقيقية في التقدم و تسييد العلم و القانون على ما دونهما في السبعينيات و الثمانينيات كان أقوى رغم شحته و شحة وسائل الاتصال و الثقافة و المعلوماتية عما هو الآن؟ أم أن آباءنا باعوا لنا الوهم ولا غير الوهم !؟ “مجرد خواطر و تساؤلات قد لا تعني أحداً أو بمعنى أصح شرود بصوتٍ مسموع”.