كنت أقف أمامه مندهشة.. لا أفهم ما يقول ،وهو يحاول أن يقنعني بأن البضاعة الماثلة أمامي هي مطلبي، نفس المنتج، ونفس المحتوى.... لم أجادله لأني انشغلت عنه بعالم آخر، كنت أرى مستقبل وطن بأكمله ينهار تحت قدميه ... هل وصل بنا الحال إلى هذا الموصل!! كنا قد عقدنا العزم والنية بأن لا نلجأ في معاملاتنا الرسمية إلى الطرق الملتوية أو رشوة ضعاف النفوس والذين باعوا وطنهم بثمن بخس ، وكانت مشكلة الكتب المدرسية من أهم المشاكل التي نعاني منها في المدارس الاهلية، فإلى جانب القرار الظالم وغير القانوني والمتمثل بحرماننا35 % من إجمالي ما نحصل عليه من الكتب رغم دفعنا الرسوم 100 % دون وجود سند لهذا الاجراء غير القانوني، أضيفت لنا مشكلة هذا العام في قرار وزير التربية بأن يتم تسليم ما نسبته 24 % من إجمالي الكتب ، مما سبب لنا مشكلة كبيرة في توفير الكتب. وكنا في الأعوام السابقة نرفض الاستعانة بتجار العلم أو اللجوء إلى السوق السوداء لشراء الكتب، وعمدنا هذا العام إلى زيادة الطلب للكتب ونحن على قناعة أن ما يذهب إلى خزينة الدولة هو أحق مما يذهب إلى جيوب بائعي الوطن ، إلا أن المشكلة مازالت قائمة .... فلجأنا إلى المدارس الأخرى في محاولة للتبادل فيما بيننا ولكن.. دون جدوى.. لجأنا إلى تصوير الوحدات والدروس فثار أولياء الأمور واحتجوا .. وفي النهاية ...رضخت للأمر الواقع ، وقمت بزيارة «التحرير» السوق السوداء المشهورة للكتب المدرسية والتي من المفترض أن تكون مجانيةً!! وهناك دخلت عالماً مرعباً، كتب على قارعة الطريق، طباعة قديمة من عام 2000م ، نظرت إلى البائع وبلهجة صارمة قلت: أريد طبعة 2013م ،فبدأ يشرح ويوضح أن كل الكتب سواء و .. و.. و.. وكأنه يروج لفستان أو حذاء!! وأنا مصعوقة أمامه ، لم أجبه، وانسحبت، فلحق بي قائلاً: «يا استاذة دقيقة والكتب عندك». وأخفى الورقة التي أحضرتها معي ودسها في يد عامل لديه و الذي اختفى متوجهاً إلى مخازنهم القريبة من المكان ، ورجع بكتب جديدة طبعة 2013م ، وعند الحساب طلب قيمة الكتاب300 ريال!! صحت به هل جننت!! فرد : يا أستاذة هذه طبعة جديدة .. خذي من القديمة وسآخذ على الكتاب 100 ريال. ياالله ما الذي يحدث لمدارسنا!! الكتب تملأ الشوارع ، وطلابنا يعانون عجزاً في الكتب !!وهذا يفاوضني وكأني اشتري قطعة قماش !!. تركته وأنا أهدد بإبلاغ الجهات المعنية ، رافضة أن أشتري بهذا المبلغ وتحت أي ثمن أو ضغوط، رأى ثورة غضبي وكنت قد أحدثت ضجة من حوله، فاستجاب وأعطاني بالثمن الذي أريده. لا أعلم من أخاطب..!! هل أخاطب وزارة التربية والتعليم ومطابعها المدرسية؟! أم أخاطب أمانة صنعاء ، الحاكم الفعلي لكل شؤون الحياة والجابي الرسمي لجميع مواردها؟! حقيقة أنا محتارة!! هذه السوق، هناك من يديرها .... هذه السوق، هناك من يحميها ... هذه السوق، هناك من يسهل لها وصول الكتب .... وهذا بلاغي للنائب العام ... أن ما يحدث جريمة ..جريمة. ودمتم amaleeyoy@yahoo,com