مانزال نراوح في تلك البقعة حيث انطلقنا في لحظة وظرف استثنائي لا يمكن إغفاله أو القفز عليه لتعصف ثورتنا الشبابية الشعبية السلمية بكل ما هو ديكتاتوري وظالم، ومع أننا أنجزنا خطوات واسعة على طريق التغيير، إلا أننا الآن وبعد ما يقارب العامين على انطلاقتنا الأولى تبرز أسئلة مفترضة وضرورية: إلى أين وصلنا؟ وما الذي تحقق؟ وكيف توقفت العربة؟ وإلى أين تسير بنا الأحداث؟ وأين أخفقنا؟ وفي ماذا تقدمنا؟. ومن رجع الصدى قد نجد لبعض التساؤلات إجابة ربما تكون شافية حتى وإن كانت غير مقنعة؛ فالأهم في قاموس حركات التغيير بشمولها أو بعمومها أن الهدف الأسمى والأبرز تحقق وهو الرضوخ الجمعي لسنة الكون بأن التغيير حتمي لا تراجع عنه، وهو حق إلهي قبل أن يكون حقاً شعبياً وإنسانياً بامتياز، ويفترض من الآن فصاعداً أن نبحث عن ذاتنا، عن قوتنا التي يحاول البعض أن يسلبها منا وفي حين غفلة.. لا نريد أن يستمر التنازع؛ فالأمور استبانت، والاعتراف بالحق فضيلة.. وعلى الجميع في هذا الوطن التوقف فوراً عن الهذيان، والبدء في رسم ووضع ثقافة جامعة تقوم على مبدأ الاعتراف المتبادل بين مكونات المجتمع ووضع أسس جمعية واضحة لبناء مجمتمع ديمقراطي تعاوني الاختلاف والتباين فيه رحمة.. وبلا مواربة أو مزايدة أو استقواء أو تهميش؛ لأن المجال والساحة لم تعد محصورة بفئة دون فئة والتفرد بالأمر وحكم الفرد «والحزب الواحد» تلك ثقافة كانت وانقضت وباعتراف كل المكونات الجمعية، ولا مجال أصلاً لاستنساخ الفكرة وإعادة تسويقها.. لقد تجاوزت الشعوب تلك المرحلة، خصوصاً بعد ثورات الربيع العربي التي أعادت صياغة ليس الأنظمة الحاكمة فحسب ولكن وحتى صياغة وبلورة المفاهيم والمعتقدات السياسية والمجتمعية أيضاً.. وبلا ضغوط حزبية أو قبلية أو طائفية أو مذهبية دعونا نفكر بعقلية جديدة، اطلقوا عليها ما شئتم، تعايش مشترك بين مكونات المجتمع أو غير ذلك من التسميات، المهم ألا نتوقف عند بقعةٍ بعينها أو عند قضية واحدة، فمن المعروف أنه في مؤتمر الحوار سوف تطرح كل المشاريع وكل الآراء وبلا سقف (السقف مفتوح) بحسب تصريحات رئيس وأعضاء لجنة الحوار، ومن الممكن جداً ألا تكون النتائج في صالح الوطني أو قد لا تكون وفق ما نريده جميعاً، وهل علينا أن نظل نبش الماضي بكل سلبياته أو أن نستخدمها لتدمير الحاضر والمستقبل؟.. هل علينا أن نتوقف هنا في هذه النقطة أو في هذا المربع أو أن نكون حضاريين بالمعنى الذي تمثله هذه الكلمة من معنى؟! أليس الأجدى أن تتواصل الحياة وينفض الناس غبار الماضي بكل سلبياته وإيجابياته مهما صغرت؟. ألا تستدعي المرحلة النهوض بالاقتصاد الوطني وبأسرع ما يمكن حتى لا يسقط السقف على رؤوس الأشهاد ونخسر جمعياً؟ ثم لماذا نتوقف في هذا المربع ونظل أسرى للتفكير القاصر؟ المرحلة الماثلة أمامنا تتطلب حشداً للطاقات والجهود وشحذ الهمم والعقول للانطلاق صوب المستقبل.. لا مجال للبقاء في تلك النقطة، والأوطان لا تبنى بالشعارات فقط بل لابد من تعزيز قيم المواطنة الحقة والبحث عن السبل الكفيلة بتحسين الإنتاج وفي كافة الاتجاهات وبلا استثناء، حتى ونحن نتحاور لا ينبغي أن تتوقف عجلة الحياة وننتظر ما سيكون.. يفترض أن لا تتوقف حركة التنمية والبناء. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك