مناقشة القضايا والمشكلات بروح المسئولية والاعتراف بالأخطاء خطوة عملية على طريق العودة إلى الطريق السليم الذي يخلص المجتمع من الأزمة وآثارها الكارثية، فقد أشرت إلى التعددية السياسية والحزبية وطرحت سؤالاً واضحاً وهو كيف تعاملت التعددية الحزبية مع عناصر القوى التقليدية؟،وهنا ينبغي أن تكون الإجابة واضحة وشفافة كذلك، من أجل وضع اليد على الجروح والعمل على معالجتها. إن من الأخطاء التي ارتكبتها بعض الأحزاب السياسية عدم القيام بدور التوعية بالدستور والقانون، ومارست نفس التجهيل الذي كانت تمارسه القوى التقليدية على الأفراد الواقعية تحت سيطرتها، ورسخت في ذهن الأفراد والمنضمين على صفوفها بأن الحزبية غاية وعقيدة ينبغي الاستماتة من أجلها، والأكثر خطراً عملت تلك الأحزاب على ترسيخ مبدأ شيطاني وهو “ من لم يكن معي فهو ضدي” والأمر الذي ولد العداوة وفرق بين أبناء المجتمع وأشعل نار الفتنة، وهذه واحدة من القضايا التي تعاني منها التعددية الحزبية في الجمهورية اليمنية. إن ذلك البعض من الأحزاب لم يكتف بتعميق شرخ الفرقة في المجتمع، بل اعتمد في هذا الاتجاه على استقطاب العناصر غير الواعية بأهمية بناء الدولة، لأنها تربت في القوى التقليدية على مبدأ الولاء والطاعة بغض النظر عن صواب القول أو الفعل وربما وقفت وقفة عدائية من العناصر المستنيرة داخل القوى التقليدية، ولم تدرك الأحزاب دورها المحوري في إعداد القيادات الوطنية المستنيرة التي لديها الطموح المشروع لبناء الدولة اليمنية الواحدة، وتكريساً لهذا الواقع غير السليم استمرت تلك الأحزاب في مواجهة المستنيرين من مختلف فئات المجتمع ومكنت عناصر القوى التقليدية من إحكام السيطرة على مكونات تلك الأحزاب وعملت على التجهيل والإملاء، وعمدت إلى اختيار عناصر القوى التقليدية ولم تقبل بالعناصر المستنيرة. إن القيادات الوطنية ذات الطموح المشروع والعلم والمعرفة والرغبة والقدرة ليست حكراً على أحد من مكونات المجتمع المدني، وإنما كل من اكتشفت فيه المهارات الفنية والقدرات العلمية والطموح المشروع ينبغي إظهاره للمجتمع وصقل مواهبه وإعداده للمستقبل، وهذه المهمة الوطنية ما زالت غائبة لدى ذلك البعض من الأحزاب والسبب سيطرة العناصر المقاومة للتحديث والإصرار على استبعاد وإقصاء العناصر المستنيرة بما في ذلك العناصر ذات القدر الكبير من العلم والمعرفة والطموح المشروع الذين تفردوا بأدائهم الوطني في القوى التقليدية وعرفهم المجتمع بالسيرة العطرة ونظافة اليد ونزاهة الطموح وقوة الرغبة في إشراك الجميع في صنع الحياة السياسية، ولذلك على تلك الأحزاب مراجعة أدائها السياسي والقيام بالدور الوطني الذي يعزز الوحدة الوطنية ويقوي بناء الدولة اليمنية بإذن الله.