( المتسلق يزّقر بكل الشجر) المثل اليمني يتجسد في واقع اليمن اليوم وما بعد ثورة فبراير 2011م وتلك المنطقة الحرجة التي أدخلت إليها اليمن نتيجة تضارب الأهواء السياسية والحزبية في مربع الثورة الشبابية التي اندفعت بتغذية داخلية تجسدت في حالة الترهل الذي بلغه الواقع السياسي والاقتصادي والثقافي في اليمن وبتغذية خارجية تجسدت في توجه دولي نحو الإصلاحات السياسية في الشرق الأوسط وفق الأجندة الجديدة للقوى الدولية التي تعيد توزيع مساحة الهيمنة الاستراتيجية في بلاد الشرق, فكان لليمن نصيب من ذلك الوضع الذي خرج له اليمنيون وأدهش وأربك النظام السابق واربكت اليمنيين انفسهم الذين لم يكونوا يتوقعوا أن تسير غضبتهم بهذا الشكل وبتلك السرعة التي أعادت الاعتبار للشارع ودوره الفاعل في تشكيل المنظومة الحاكمة في البلاد، والتي كان الناس قد نسوا مذاقها منذ الأحلام الأولى للتغيير وإصلاح الواقع, فأخذت البلاد تتأرجح بين الحلم الوردي والواقع الدموي النازف الذي بدأت أشباح الحرب تلوح في الأفق, هذا الأمر الذي يشكل كارثة على اليمن ودول الجوار التي تدرك أن ما ينحدر في الواقع السياسي اليمني من صخور سيقع على بلادهم ويتحول هذا الشعب كالجراد لا يبقي ولا يذر على امتداد دول الجوار , فأخذ الشعب ومن لازال في قرارة انفسهم من أبنائه يبحثون عن أشجار ومتارس تقي البلاد خطر السقوط في عبث الحرب , لذلك كل المحاولات الجادة في تدارك ما تبقى ممكن في لغة السياسة للخروج من المرحلة , ولم يكن هناك أفضل من الحوار باعتباره قارب النجاة الأخير في عاصفة الصراعات السياسية والحزبية والمذهبية والمناطقية, وها نحن ذاهبون إلى الحوار وقلوبنا شتى ولازال الفكر الانتهازي هو الراعي الرسمي لخطانا نحو الوطن الغائب دائما في حساباتنا , لذا لابد أن نطرح السؤال الذي يجب أن يعيه الجميع داخل العمل السياسي وخارجه أن الحوار يحتاج إلى تشخيص جاد للمشكلة التي دفعت البلاد إلى هذا المأزق والذي يقف على رأسها رفضنا للجلوس على طاولة واحدة وبإرادة واحدة للحل وليس برغبات المناكفات والتعجيز السياسي للمتاح من فرص الانفراج والخلاص , وللبحث في أدوات العمل على الحوار التي نحتاجها لنصل إلى المستوى المطلوب للنتائج المُثلى, نحتاج بدرجة أساسية إلى أن نكون في الحوار شكلاً وموضوعاً لا أن نكون خارج زمن الحوار, نحتاج إلى المرجعيات النقية وهي تجاربنا الناجحة أو محاولاتنا الناجحة مع الوطن لنكون كل الوطن وليس جزءاً من الوطن فكل فرد دخل الحوار بمفهومه الضيق كلجان أو كفرد في الشارع، الحوار ليس داخل لجنة الحوار فقط بل حوار الشارع حوار الناس قبول الكل للكل وهذا ما يتطلب أن يمارسها الفرد على مستوى سلوكه اليومي , نحتاج إلى الحوار بقلب الراغب بالانطلاق وليس برغبة الأنا, نحتاج التحرر من عقدنا السياسية ومعتقداتنا الحزبية , نحتاج لخطاب أعلامي دافع للتقارب وليس خطاب ملغوم برغبات الراحلين أو المغامرين الجدد, نحتاج أن ننقل الحوار من الخطاب السياسي إلى حياة الناس, نحتاج إلى سقف مفتوح للجميع ونلغي مخاوفنا والرُهاب البيني لدى الساسة والفعاليات الجماهيرية إن الحوار هو إعادة اعتبار للوطن الأرض والإنسان لنستطيع أن نستبين خطواتنا ولا تربكنا مخاوفنا من بعض ,ولندرك ما أهدرنا من الوطن بصراعاتنا العقيمة . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك