دون شك فإن استقرار اليمن يقوم على عكازين ، إحداهما يعتمد على الدعم الاقتصادي والآخر يقوم على الدعم السياسي ، وقد تمثل هذا الدعم في مؤتمر أصدقاء اليمن ومؤتمر المانحين ، حيث يُعنى الأول بدعم سياسات الانتقال السلمي للسلطة في جوانبها المختلفة ، بينما يتمحور مؤتمر المانحين بحشد التمويلات المالية وكل أشكال الدعم الإنمائي والخدمي والإنساني، وقد تجلى ذلك في مؤتمر الرياض خلال أواخر العام المنصرم والذي حصد دعماً بحوالي ثمانية مليارات دولار ، بينما تعددت مؤتمرات أصدقاء اليمن في عدد من العواصم لتأمين المسارات السياسية لإنجاز مراحل التسوية السلمية، ولعل منها مؤتمر لندن المتوقع انعقاده في السابع من مارس الجاري. هذه استهلالة لابد منها لإيضاح جانب من الخلط الذي يقع فيه البعض ممن لا يفرق بين أهداف مؤتمرات أصدقاء اليمن واجتماعات المانحين ، ولعل الأمر المهم في هذا الجانب هو مدى التزام الدول والصناديق التي تعهدت بتقديم تمويلات ومساعدات وقروض لليمن خلال مؤتمر المانحين في الرياض وكذلك نيويورك الذي جمع بين مهمتي الدعم السياسي والمالي ، حيث تشير التقارير الأولية إلى أن ثمة تباطؤاً في انسيابية هذه التمويلات حتى الآن ، إذ لم تفِ تلك الدول بتعهداتها المالية باستثناء المملكة العربية السعودية التي قدمت أنموذجاً يحتذى في إطار الالتزام بتلك التعهدات ، فضلاً عن قيامها بوضع وديعة لدى البنك المركزي اليمني بمبلغ نحو مليار دولار ، بينما لا تزال بقية الدول والصناديق تقف عند نقطة البداية ولم تتخذ – حتى الآن – أية خطوة إيجابية تجاه الوفاء لتلك التعهدات. وإزاء هذه المعضلة ، فإن المسؤولية أيضاً تقع على الجانب اليمني الذي حاول استدراك هذا التقصير بتشكيل لجنة وزارية تعنى باستيعاب وتوظيف هذه التمويلات خاصة أن الضرورة تستدعي سرعة تفعيل أداء هذه اللجنة وفي الإطار الذي يحقق الهدف من تلك التمويلات وتوجيهها في الأطر التي تساعد على ترسيخ مقومات الأمن الاقتصادي والسياسي في آن واحد . وفي الوقت الذي يشدد فيه المرء على أهمية انسيابية الدعم المالي الذي تمثل في تعهدات مؤتمر المانحين في الرياض ، إلا أنه لا يمكن التقليل من أهمية دور مؤتمرات أصدقاء اليمن ذات الصلة بتعزيز مسارات التسوية السياسية ورعاية الانتقال السلمي للسلطة وذلك في الدفع بعجلة الاستقرار الداخلي كمنظومة متكاملة للخلاص من أسر تداعيات الأزمة بكل تفاصيلها وإقامة الدولة اليمنية الحديثة ، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنه لا يمكن إقامة تنمية شاملة وتوظيف مخرجات مؤتمر المانحين ما لم يتحقق على الأرض إنجاز التسوية السياسية التي تمثل أحد عكازي نهوض الدولة اليمنية الحديثة التي يتطلع إليها الجميع دون استثناء . ولهذه الاعتبارات ينبغي أن نولي مؤتمر أصدقاء اليمن المرتقب في لندن كامل الاهتمام ، باعتباره سيكون المدخل الأساس لمؤازرة اليمنيين على حل مشكلاتهم المرتبطة بأفق التسوية السياسية والعمل على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتباينة لإنجاز كامل مهام المرحلة الانتقالية والمشاركة الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني المرتقب والذي يُعّول عليه الجميع في الداخل والخارج بأن يكون آخر أحزان هذه الصورة الملبدة بالغيوم. رابط المقال على الفيس بوك