وأنت تركض في حياتك اليومية المعتادة, تعرف كل الاتجاهات، متبادلاً المنافع مع من هم على الطريق حتى وإن لم يمنحوك شيئاً، إلا أن لهم الحق في مشاركتك هذا الطريق... قد يذكرك أحدهم أنك لم تتوقف عندما كانت الحاجة ماسة لهذا التوقف, وأنت تتذكر أن ذلك التوقف كان معطلاً لك، وكأن من أوقفك لا يستحق أن تقف له.. تعتقد أن من يريد شيئاً هو مستغل, وساع إلى المنفعة, تدرك جيداً أنك غير قادر على منح أحدهم أي شيء دون أن تتسلم لحظتها حقوقك كاملة, ولا يمكنك هذه اللحظة وأنت تسكن تحت الغياب أن تمنح أحدهم ما يتوسد به، أو تعيد اختراع زمن جديد تنفذ منه إلى درب العطاءات.. التزمتَ طوال مسيرتك في الحياة بخطاب أخلاقي أحادي, وهو أن العاقل لا يقدم منحة إلى من يستحق, ومن لا يستحق، فمن لا يستحق عليه أن يعيش معزولاً يستقرئ واقع أيامه, ويقف أمامها عاجزاً، فهو لن يقدم المقابل فيما يطلبه، ومن يستحق عليك أن لا تنصرف قبل أن تقبض منه، فهو يعاني من مشكلة ما, وعليه أن يسعى إلى حلها، وأن يبقي المنفعة واضحة. نسيت أنه قد يأتي يوم لا تستطيع فيه أن تصنع تقدمك، ولا يمكنك التحكم في الظلال المتحركة التي أحطت نفسك بها .. ألق غابت الظلال, وغاب ألق الميناء الذي كنت تعتقد أنك لن تغادره باعتبارك راسياً عليه. نسيت أن ما تقدمه اليوم، ستجده غداً, وأن من ستسنده اليوم سيسندك غدا عندما تسقط.. لا مفر أمامك اللحظة من طلب النجدة, بعد أن توقفت في المنفى الإجباري, وتذوقت طعم الاغتراب وأنت في مكانك.. تحسست حاجتك كإنسان للمساعدة من الآخرين.. تذكرت ما يردده الناس (من قدم السبت يلاقي الأحد) وأنت لم تقدم لا السبت كاملاً ولا ساعة منه، وما قدمته قد أخذته.. كل شيء الآن يبدو عارياً وكئيباً.. يمنحك العزلة ويُدخلك إلى أماكن بعيدة المدى من الوحشة.. الناس, وتلك الذكريات هي ما تبقى لك, لكنها تظل صوراً مختلطة بالمنفعة, ومصنوعة من العطاء العدمي.. فهل يطول ما أنت فيه، أم تفتح الأبواب وتخرج من مكانك؟. هذا إحساس محدود, ولا معايير أو مقاييس في الحياة , فربما لا تقدم شيئاً, ومع ذلك تجد كل شيء, فكن محباً معطاء مع من تلتقيهم في الحياة فقد تحتاجهم وأنت تشق طريقك على طريق العودة! رابط المقال على الفيس بوك