أحزن كثيراً وأحس بالمرارة أكثر –أنا وغيري –لما يحدث في الحديدة ،كما أحزن لما يحدث أيضاً في عدد من المدن اليمنية التي انفلت عنها الأمن وتفشت فيها الجريمة وسادت الفوضى وطغت سلوكيات تتنافى مع أخلاقيات المجتمع ،تتعالى فيها أصوات تزأر بالضغينة وأمراض العصبية والعنصرية والطائفية وبما يتنافى مع قيم وأخلاقيات المجتمع اليمني في التآلف والإخاء والعيش المشترك. من المؤسف –حقاً –أن نجد لعلعة الرصاص ودوي القذائف في مدن لم تكن تتحدث بغير لغة الورود والياسمين وباقات الفل والرياحين ،بل من المؤسف أن نجد في مدننا تفشي ظواهر الانفلات الوظيفي واتساع رقعة الاحتجاج بمناسبة وبدون مناسبة والإضرار بمصالح الناس وتعطيل الخدمات ..وفي حالات إعلان العصيان المدني لأيام وأسابيع متواصلة ،لم يكن يحدث حتى إبان الاحتلال البريطاني لعدن –مثلاً-عندما كانت حركة العصيان لا تتعدى ساعات محدودة فقط . أعرف –كما يعرف غيري -أن هذه الحالات من الانفلات في الشارع اليمني غير منفصلة البتة عن سياقات الوضع العام الذي تغذيه -بالقطع -قوى متضررة من حالة التوافق الوطني المتمثل في الأداء الخلاق لمؤتمر الحوار الوطني ،حيث تعمل هذه القوى بكل ما لديها من إمكانات على تعطيل هذه العملية من خلال اختلاق أحداث وجملة من الصور السلبية التي تحث على تعميق الاضطرابات وتُجيش التظاهر السلمي وإعطاء الحراك –سواء في الجنوب أو في تهامة أو غيرهما- طابعاً عنيفاً -ينعكس بالنتيجة-على الوقفات الاحتجاجية مما يؤدي إلى رفض اطروحات الآخر. في هذه العجالة ،لا أستطيع أن أطلق الأحكام جزافاً عن المتسبب الحقيقي الذي يقف وراء هذه الخسائر البشرية والمادية التي تلحق بالمواطن والوطن جراء هذه الأشكال من التظاهر المسلح والعنيف ،لكنني أستطيع أن أقول بأن ثمة مستفيدين من هذه الحالة الفوضوية ،إن صح التعبير. لذلك علينا جميعاً أن نتعامل مع هذه الحالات والظواهر السلبية التي تسيء إلى حرية وسلمية الاحتجاج بكثير من العقل والحكمة وليس باتخاذ إجراءات وقرارات وفقاً للقاعدة العلمية التي تشير إلى أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه مضاد لها في القوة والاتجاه ..ولا أضيف أكثر من ذلك ! رابط المقال على الفيس بوك