لا نريد أن يكون «المؤتمر الوطني للحوار الشامل» ضحكاً على الذقون، ولا تدليساً وتضليلاً للشعب حول الدولة المستقبلية التي نريدها دولة للشعب.. دولة ديمقراطية، عادلة، المواطنة متساوية، السلطة فيها، والثروة، والموارد للشعب، نريد دولة الجميع فيها مواطنون وليسوا رعية، ونريد ديمقراطية لا احتكار فيها للسلطة، والثروة، والموارد. وحكاية التوافق أو الدولة التوفيقية، معناه أن يعيد المتحاورون من النخب المختلفة صياغة الدولة بالتوافق فيما بينهم، والتوافق.. أو الدولة التوفيقية إعادة بناء الدولة على أساس التقاسم، أو الشراكة أو المحاصصة على حساب الشعب الذي ينتظر دولة جديدة هو السيد فيها، وهو مالك السلطة والثروة، وكذا الموارد، دولة يتداول سلطاتها الشعب كل الشعب، وليس النخب التي جرعتنا الأمرّين نتيجة أزماتها، وتنافسها على السلطة، والثروة.. أما الشعب ليس في حسبانهم.. وأخوف ما نخافه أن تعاد اللعبة من جديد، خاصة وأن المؤتمر الوطني للحوار الشامل ليس فيه جديد؛ فالصور والأسماء هي التي عرفناها من “زمان” هي التي عرفناها من خمسين سنة بل من عام 1948م، إنهم هم لا “ماتوا” ولا “تقاعدوا” والذي مات قد ورثه “ابنه” ولا من «شال» ولا من «دري». إن المشكلة في “المؤتمر الوطني للحوار” أن الجدل يحتدم حول مسائل وقضايا ومشاكل جزئية، بينما القضايا الأساسية، أو “الأم” هي صورة وشكل، ومضمون الدولة الجديدة، وهل ستكون شكلاً ومضموناً دولة للشعب أم دولة للنخب سواء كانت في الدولة “مباشرة” أم كانوا في الدولة “بطريقة غير مباشرة” وتستوي حين ذاك السلطة، والمعارضة. فالمعارضة لم تتحرك يوماً ما إلا بحثاً عن نصيب، أو حصة أو شراكة في السلطة، والثروة والموارد، لا تتحرك من أجل الشعب، ولم تناضل أبداً إلا من أجل الحصول على نسبة من “الكعكة” الدولة، وما يتبع ذلك من “ثروة وموارد” هذه المعارضة التي عاشت في نعيم الشراكة الفعلية في السلطة قبل الوحدة اليمنية، وكانت “سمن على عسل” هي وبقية شركاء السلطة، وقد أفسدوا وعبثوا حسب ما وسعهم ذلك، وفي شراكتهم للسلطة لم يحققوا شيئاً، مما يدعونه اليوم في شعاراتهم وخطابهم السياسي والإعلامي. على أي حال.. على الشعب أن يكون “يقظاً” لما يتم في مؤتمر الحوار الوطني ويتابع تطورات ذلك، وفي أي اتجاه يسير.. هل في اتجاه مصالح الشعب، أم في اتجاه استمرار النخب في احتكار السلطة، بالتوافق؟! إن الشعب أن يكون جاداً، صادقاً، أميناً مع نفسه، ولا يرضى إلا بدولة مستقلة تعود فيها السلطة، والثروة، والموارد إليه، وأن يحذر من الصيغ التوافقية، فالتوافقية تعني إعادة توزيع السلطة والثروة والموارد بين النخب المتحاورة.. التوافقية ليست من مصلحة الشعب.. بل من مصلحة النخب في الحوار الديمقراطية الحقيقية.. ديمقراطية المجتمع العادل المتعاون، وفي ظل الديمقراطية الحقة هي التي تستعيد السلطة والثروة من النخب، وتسلمها للشعب. رابط المقال على الفيس بوك