القرارات التي أصدرها الرئيس عبد ربه منصور هادي تنفيذاً لخطة هيكلة الجيش التي اصدرها نهاية العام الماضي، جاءت في وقتها مفتتحةً الطريق إلى بناء الدولة في اليمن، بخطوة هي الأهم والأساس ، لا لأنها أعادت توحيد الجيش فقط ولكن لأنها أيضاً أعادت وضعه في موقعه الطبيعي بعيداً عن إقطاعيات الأسرة والقبيلة وعصبياتها الضيقة ، وممارساتها الفاسدة. لقد كان الجيش اهم مكونات الازمة الوطنية في تاريخ اليمن الجمهوري قبل الوحدة وبعدها ، وأبرز ادوات التعقيد في صراعاتها المختلفة على الصعيدين: السياسي والاجتماعي ، وكثيراً ما وظف لخدمة المصالح الفردية وعصبياتها، حتى آل في العقود الاخيرة الى اقطاعيات مخصصة للفرد واسرته وعصبياته القبلية ، من خلال قيادات تركزت مهامها في نهب المال العام ونهب الثروات وفرض الاتاوات ، والبسط على الاراضي ، وممارسة التهريب او حمايته ، والى آخر مافي قائمة الفساد المعروف عن المؤسسة العسكرية واقطاعياتها المعروفة. وإذا كانت خطة هيكلة الجيش وقراراتها التفيذية تمثل الخطوة الأولى على طريق بناء الدولة ، فإن هذه الخطوة لابد أن تتحول إلى مشروع إستراتيجي لبناء الجيش على أسس وطنية، تجنبه ويلات الاستحواذ والإفساد، ومصائب نظام الإقطاعيات المحتكرة للفرد وعصبياته ، وذلك بالاعتماد على مبادئ علمية وتنظيمية في بناء الوحدات العسكرية وقيادتها ، خاصة الإدارة المالية التي تحتفظ بسريتها ضمن نظام رقابي ومحاسبي صارم داخل المؤسسة العسكرية ، وكذلك التدوير الوظيفي لقياداتها ، والتأهيل العلمي والعملي لمنتسبيها ، والتخلص من نظام التجنيد الوهمي للأسماء بغية الاستيلاء على مرتباتها والميزانيات. لا نريد الاسترسال في سرد طموحنا المشروع بجيش وطني معافى من علل الإفساد وسليم من أمراض الفساد ، ذلك أن القرارات الأخيرة فرضت علينا التعبير عن الفرح والاستبشار بأولى خطواتنا على طريق الدولة الوطنية الحديثة، وهي الخطوة التي ستتعاظم بالنتائج الإيجابية للحوار الوطني التي ستكتمل بها أسس بناء الدولة اليمنية المدنية ، وينهض عليها اليمن الجديد إلى مستقبل واعد بالتقدم والنماء ومفتوح للتطوير والتجديد، بعد عقود تكلس فيها وجه اليمن بالجمود والركود والاستحواذ والاستئثار ، وعلى هذا الطريق نمضي. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك