حين تحاصرك الأسلحة في المكان, ينتشر الموت، ذلك أن فوضى الأسلحة في اليمن تؤكد أمراً واحداً هو: إسقاط القانون , وهو ما يعني غياب النظام وتغييب الدولة. تتلاشى الدولة لصالح ميليشيات لا ضابط لها, ورجالات الدولة, أو من يزعمون أنهم رجالاتها, يتقاسمون اسمها لصالح مراكز قوى خاصة, حوّلت مؤسسات الأمن والجيش إلى مزارع وإقطاعيات توظفها في تدمير السلطة وتفكيك الدولة وتوليد العصبيات العابرة للوطنية والمواطنة بالمشايخ والشيوخ وما تستّر تحتهما من قبيلة ودين. الخطف وسيلتهم للنهب والجباية, والوساطة مع الخاطفين أسلوبهم لتغييب الدولة وتفويض سلطانها, والتخريب عملهم الذي يحكمون به, ومن خلاله يناورون ويقايضون, والشعب مخدوع بأحزاب سلّمت أمرها وأسلمت شعبها لعصابات فوق القانون و بلباسه واسمه. نعرفهم بالإسم والوسم, وبلون اللحية والشال, وبالرتبة واللقب لكنهم يتمادون في الغي والطغيان, وفي الفساد والإفساد وقد تولّدت بهم وضدهم حركات جديدة, وظواهر عديدة, وكلّها من فوضى السلاح تقتات وبانتشار الخراب والموت في يمن يستحق الحياة بجدارة وحضارة فوق أرضه وتحت الشمس. في الأفراح كما في المآتم تضج الأمكنة بالأسلحة لترسم لوحة قاطعة في دلالتها على أن هذا السلاح هو للخوف من بعضنا وتخويف بعضنا, ولنشر الموت بيننا, فالمعنى المحمول على صورة الأسلحة يقول بصريح العبارة: ليس لنا إلا الموت, هذا ما يعد به القتلة من رهط الفساد الذين طغوا في اليمن ومن أكابر مجرميها الذين احتموا بالجهل والفقر. يتاجرون بدمائنا والمقدسات, ويقبضون ثمن موتنا بالدولار والريال, وتعود جثث قتلانا وأشلاء ضحايانا من جبهات الجهاد الممتدة بين افغانستان و سوريا, ولا أحد يصرخ كفى, أو اوقفوا هذا العبث بالماضي والمستقبل , بالحاضر والمجهول، فالقرش لعّاب بحمران العيون. كل جماعة تحمي نفسها بنفسها هرباً من أمن الدولة الذي تناثر بين المشايخ والجنرالات, وتوزّعته عصبيات القبائل والطوائف, واشترته القوى الأجنبية في مزاد لم يبق لليمن وطناً كان حضارة ولا شعباً كان منارة , وفي الأفق تمتد فوضى السلاح, وإجرام لا أراح ولا استراح , فمن أين يأتينا الحلم بالفلاح؟! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك