يصادف اليوم ذكرى رحيل القائد اليمني (الاشتراكي) عبد القادر سعيد أحمد طاهر أحد رموز الحركة الوطنية وأحد أبرز وأنظف مؤسسي حركة القوميين العرب في اليمن وأحد قادة الجبهة القومية والحزب الاشتراكي اليمني، وهو شخصية فريدة وحياته تستحق الدراسة والتتبع لأنه أحد النماذج القليلة الذين كانوا يملكون رؤى وطنية جامعة وثاقبة دعا إليها مبكراً وتم تطبيقها بعد عقود من الزمن ولو أنه استجيب لأفكاره لوفرنا عمر جيل كامل من الشقاء والمناطحة العبثية ووفرنا كثيراً من الدماء وسحبنا البساط على الاستبداد من زمان، بل ربما لم يتمكن من الجلوس ومصادرة الوطن والثورة بهذا الشكل المدمر ..من زمان استهوتني سيرة وشخصية القائد (عبده محمد المخلافي) وعندما بحثت عن حياته ودوره بين معاصريه من كل القوى، وهو بالمناسبة اعني( المخلافي ) مؤسس حركة الإخوان المسلمين باليمن..لم أكن أتصور أن أجد بجانيه القائد الاشتراكي (عبد القادر سعيد) وعلى عكس السائد وقتها يبحثان معاً رغم اختلافهما في التوجه عن كيفية إنقاذ الوطن بعمل مشترك وإخراج العمل الحزبي من شرنقة التعصب وآفة الإقصاء وثقافة إزاحة الآخر وتخوينه أو تكفيره، لقد كانا يبحثان معاً في جلساتهما في تعز ومدارسها ومقهى (الابي )الشهير كملتقى سياسي شعبي وزاويا شارع 26 سبتمبر عن صيغة للعمل المشترك بين القوى المتناحرة التي كانت تختصم على حساب الوطن ولصالح الاستبداد وعرفت كيف كان عبد القادر سعيد شاباً طموحاً يعمل للوطن ويحب كل اليمنيين ويفهم أن الحزبية هي وسيلة لخدمة الوطن وآلية تواصل وإثراء وتوحيد وليست بديلاً عن الوطن وهو مالم يفهمه الكثير حينها ,ولو أنهم لاحقاً قد فهموه جيداً وعادوا لتنفيذ افكاره البيضاء لكن بعد اكثر من أربعة عقود و بعد ما خسر الوطن الكثير من خيرة أبنائه وخسر اليمن الكثير من فرصه ؟! دعم عبد القادر سعيد الكفاح المسلح في الجنوب ضد الاستعمار البريطاني وكان أحد قادة الجبهة القومية وقاد بفكره التصالحي محاولات صلح عديدة بين الجبهتين القومية والتحرير لكنه بنفس الوقت أعلن رفضه الكامل لإعلان زملائه الكفاح المسلح في الشمال باعتبار أن رفع السلاح ضد اليمنيين لا يلائم منهج النضال الوطني ولا يجوز.. فسفك دماء اليمنيين لا يمكن أن يكون له أي مبرر وطني, داعياً الى النضال السياسي السلمي والعمل المشترك كبديل عن العنف وفكر إنكار الآخر الوطني .... قال عنه الشهيد جار الله عمر :(أقول للتاريخ إن عبد القادر سعيد كان الرجل الأكثر نضجاً والأكثر تطوراً منا جميعاً) وهو هنا قامة مثل (جارا لله).. اعتذار تاريخي واعتراف بعمق وصوابية أفكار المناضل عبدالقادر سعيد فبعد اربعة عقود تقريباً قاد الشهيد جار الله عمر وزملاؤه تأسيس اللقاء المشترك وإنهاء عقلية الإقصاء كما بدأ مع زملائه من قادة القوى الوطنية في المشترك بانتهاج النضال السياسي السلمي التي اطاحت وحدها بالاستبداد والحكم الأسري وهي أفكار ودعوات نادى بها (عبد القادرسعيد) قبل أكثر من أربعين سنة واتهم حينها من بعض رفاقه بالرجعية وحمل رواسبها. وبحسب القائد الاشتراكي محمد عبد الدائم السادة فقاد كان عبد القادر سعيد من الشخصيات التي خسرها الوطن مبكراً مع عبده محمد المخلافي (اخواني ) وعبدالسلام مقبل (ناصري) وآخرين ذهبوا بعمر مبكر وكان أهم ما يميزهم حب اليمن والعمل على تمتين القواسم المشتركة ومحاربة العداء والخصومة بين فرقاء العمل الوطني باعتبارها طاعون العمل الوطني الثوري ويحول الثورة والنضال الى وسائل سخيفة بيد المستبدين وسهام مسمومه في صدر الوطن، وهو ما يجب أن يفهمه شباب اليمن والثورة اليوم في زمن انتصار الثورة فلم يبق شيء لأعداء الوطن للانتقام من الثورة والشعب سوى زرع الشقاق والتعصب بين شباب الوطن وقواه الحية ونسف الجسور المشتركة..رحل الشهيد عبد القادر سعيد في 1974م بظروف غامضة وهو نفس الغموض الذي اكتنف رحيل زميله الشهيد عبده محمد المخلافي الذي سبقه ورحل في 1969م ... عبد القادر سعيد وأمثاله هم صور بهية للضمير الوطني ونماذج مشرقة لتاريخ النضال السوي يجب أن لا تغيب عن ذاكرة الاجيال لأنها نادرة وملهمة و قد حاولت مقاومة الظلام المركب بأظافرها وأرواحها محدثة ثقباً من ضوء في جدار الغسق لعله ينفذ إلينا والى الأجيال القادمة وقد نفذ منه الكثير. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك