يتابع الإمام بديع الزمان كلامه عن الكلمة الأولى فيقول: إن الذي يتحرك ويسكن ويصبح ويمسي بهذه الكلمة “بسم الله” كمن انخرط في الجندية، يتصرف باسم الدولة ولا يخاف أحداً، حيث إنه يتكلم باسم القانون وباسم الدولة، فينجز الأعمال ويثبت أمام كل شيء ويقول: “وقد ذكرنا في البداية أن جميع الموجودات تذكر بلسان حالها اسم الله، أي إنها تقول: “بسم الله.. أهو كذلك؟”. نعم! فكما لو رأيت أن أحداً يسوق الناس إلى صعيد واحد، ويرغمهم على القيام بأعمال مختلفة، فإنك تتيقن أن هذا الشخص لا يمثل نفسه ولا يسوق الناس باسمه وبقوته، وإنما هو جندي يتصرف باسم الدولة ويستند إلى قوة سلطان “مع الأخذ في الاعتبار أن سلطان الأرض جائر أما كلمة بسم الله فهي تمثل سلطان السماء الذي أقام سلطانه على العدل المطلق”. فالموجودات أيضاً تؤدي وظائفها بسم الله، فالبذيرات المتناهية في الصغر تحمل فوق رؤوسها باسم الله أشجاراً ضخمة وأثقالاً هائلة أي إن شجرة تقول: “بسم الله” وتملأ أيديها بثمرات من خزينة الرحمة الإلهية وتقدمها إلينا. وكل بستان يقول: “بسم الله” فيغدو مطبخاً للقدرة الإلهية تنضج فيه أنواع من الأطعمة اللذيذة.. وكل حيوان من الحيوانات ذات البركة والنفع، كالأبل والماعز والبقر يقول: “بسم الله” فيصبح ينبوعاً دفاقاً باللبن السائغ، فيقدم إلينا باسم الرازق ألطف مغذ وأنظفه.. وجذور كل نبات وعشب تقول: “بسم الله” وتشق الصخور الصلدة بسم الله وتثقبها بشعيراتها الحريرية الرقيقة فيسخر أمامها بسم الله وباسم الرحمن كل أمر صعب وكل شيء صلد. نعم، إن انتشار الأغصان في الهواء وحملها للأثمار، وتشعب الجذور في الصخور الصماء، وخزنها للغذاء في ظلمات التراب.. وكذا تحمل الأوراق الخضراء شدة الحرارة ولفحاتها وبقاءها طرية ندية.. كل ذلك وغيره صفعة قوية على وجوه الماديين وأفواههم وصرخة مدوية في وجوههم. فائدة: سلطان الأرض جائر أما كلمة بسم الله فهي تمثل سلطان السماء الذي أقام سلطانه على العدل المطلق. كم هو جميل هذا التعبير: البذيرات المتناهية في الصغر تحمل فوق رؤوسها بسم الله أشجاراً ضخمة وأثقالاً هائلة تقول بسم الله وتمتلئ بثمرات من خزينة الرحمة الإلهية! رابط المقال على الفيس بوك