الأول هو صاحب موقع ويكيلكس وليس أمريكياً ،لكنه وبمساعدة أحد منتسبي وزارة الدفاع الأمريكية حصل مئات آلاف الوثائق السرية التي تتعلق بالقضايا العسكرية والأمنية والاقتصادية والشخصية، ربما لكل زعماء العالم الحاكمين والمعارضين والصناعيين والخطط السنوية المستقبلية للتنمية والصحة وكل شيء تقريباً في إطار القظر الواحد. وقد أحدث كشفها ضجة عالمية وغضباً أمريكياً وبذلت الولاياتالمتحدة كل ما يمكن من أجل القبض عليه وإحضاره إلى واشنطن ليواجه تهماً جسيمة عقوبتها النهائية الإعدام وعشرات السنين في السجون الانفرادية،وقد لجأ إلى إحدى السفارات في بريطانيا طالباً اللجوء السياسي، وبقي في تلك السفارة عدة شهور، رغم مطالبة السويد به بتهمة اغتصاب إحدى الموظفات البنكية. وكان نصيب الدول العربية من الوثائق الأمريكية السرية ما يفوق الخيال في الخصوصيات والعموميات والأحداث والجرائم التي ارتكبت بحق المواطنين أو الحكام العرب، إلا أن ما كان مخفياً من تعاملات أولئك الحكام بالذات في ثرواتهم المودعة في البنوك الغربية عموماً والولاياتالمتحدة، وفي بعض البنوك العربية الآمنة، ولم يستطع أي حاكم أو أي نظام أو أي ثري عربي ممن راكموا ثرواتهم من أموال الشعوب بالحيلة وبالقوة أحياناً أن ينكر ما يتعلق به من تلك الوثائق ودور المخابرات الأمريكية وعلى مدى عقود من الزمن للعمل في صالح عملائها من المسئولين والمقربين منهم ومن أشخاص يعملون تحت مسمى منظمات المجتمع المدني المنتشرة بكثافة وخاصة في السنوات الأخيرة في الدول العربية بعضها ناشئة والبعض الآخر قديمة، وكان لايتعدى عددها أصابع اليد مكونة من شخصيات مرموقة ومحاطة بالحماية المباشرة محلياً وأمريكياً، وأعرف بعضاً منهم كانوا يجاهرون بعمالتهم ويتحدون من يقف أمامهم. والثاني.. مواطن أمريكي مجنّد في المخابرات، اسمه «سنودن» بدأ قبل فترة قصيرة بفضح التنصت على الاتصالات في بريطانيا ثم فرنسا ثم ألمانيا التي تطالب مستشارتها انجيلا ميركل بإبرام اتفاق مع الأمريكيين بألا يتجسسوا عليها شخصياً أو على سياساتها الداخلية والخارجية بالتزامن مع نفي الرئيس الأمريكي أوباما علمه بالتجسس على السيدة الألمانية المحنكة والفائزة للمرة الثالثة في الانتخابات التي جرت قبل أسبوعين فقط بفضل إدارتها شئون بلادها بنجاح، ولم تتعرض لمثل ما تعرضت لها عدة دول أوروبية من قلاقل واضطرابات اقتصادية وعمالية خطيرة. ماجرى إذاً في المرتين من ردود فعل غاضبة على النشاط التجسسي الأمريكي على حلفاء الولاياتالمتحدة لم يرق إليه أي احتجاج عربي أو اسلامي فيما يتعلق بهم، ويفسر المفسرون السياسيون ذلك بأنه طبيعي جداً من أناس وضعوا رقابهم على مقصلة الأمريكان وأسلافهم الأوائل مثل الانجليز والأسبان والفرنسيين الذين اكتشفوا قارة أمريكا الشمالية والجنوبية قبل عدة قرون واستوطنوها وأبادوا سكانها الأصليين الهنود الحمر لتؤكد المصالح التجارية والصناعية والاقتصادية أن الوشائج السلالية لاتقف حائلاً دون إثبات أن القوة هي وسيلة البقاء وما على الآخرين سوى الاعتراف بها. رابط المقال على الفيس بوك