قبل شهور حين قالوا إن التسامح الديني والمذهبي سيكون على طاولة الحوار، قلنا لهم لن يكون هناك تسامح قبل أن يقر الجميع أولاً بالأهمية القصوى والشديدة لنزع أسباب كل ما يؤدي إلى تجدد ذلك الجحيم المخجل الذي أعاقنا عن التقدم كثيراً بدلاً من اكتفاء كل طرف بتحميل الطرف الآخر المسؤولية وتفاقم منطق «الدعممة» والاستقواء بالأمر الواقع؛ ولعل تواصل مثل هذه الفهلوة التاريخية لم يعد مفيداً على الإطلاق حاضراً ومستقبلاً. يعني بالبلدي مش «حينزل» التسامح بطاولة من السماء إلى موفمبيك مادامت المدارس والمؤلفات المذهبية المتطرّفة للجانبين قائمة في الواقع والتحريض شغال والمكابرة والعند يزدهران والكراهيات تتفاقم وتتسع؛ فضلاً عن أموال وتدخلات القوى الإقليمية التي تتعارك بينها عبر وكلاء الداخل المتهافتين لنيل حظوة الداعمين بينما الضحية تمزق النسيج الاجتماعي لليمنيين أكثر واستمرار لغة الثأر والدماء لأسباب مأزومة انبثقت أساساً من الاستغلال السياسي المشين للدين؛ ذلك الاستغلال الذي يجب أن نرفضه تماماً. وفوق هذا وذاك مش حينزل التسامح بطاولة من السماء مادام السلاح المنفلت نفسه يكتظ في الجانبين ضد بعضهما على نحو رهيب وبالتالي ضد حلم التسامح الذي ليس لنا سوى أن نظلُّ نأمله حتى آخر رمق علّه إذا تحقّق وهدأت النفوس المتربصة ببعضها وتعقلن الخطاب وبدأ التفكير الوطني الناضج نبدأ الخطوة الأولى الصحيحة لتفعيل السيادة والقانون والكرامة في اتجاه تحقيق حلم المواطنة المتساوية والدولة المدنية. [email protected]