إنه يوم عظيم ذلك اليوم الذي سطر فيه اليمانيون حكمتهم وتعظيمهم لمعاني الأخوة والمحبة والوفاء، وتقديرهم للظرف الحساس الذي تمر به أمتنا العربية والإسلامية والذي يدفع باتجاه لملمة الشعث وتوحيد الكلمة وتأليف الأفئدة والقلوب، هذا فضلاً عن أن الزمن تغير حيث أصبح زمن التكتلات والكيانات الكبيرة، وما عاد يؤبه بالكيانات الصغيرة المشطرة.. لذلك كان يوم الثاني والعشرين من مايو المجيد عام 1990م يوماً عظيماً، ويوماً لميلاد الأمة القوية الواحدة، علاوة على أنه يمثل الانطلاقة الصائبة إلى رحاب عهد جديد من التحول والعمل السياسي والديمقراطي والتنمية الشاملة المستدامة زد على ذلك أن يوم الثاني والعشرين من مايو العظيم عام 1990م كان ولم يزل النجم المضيء في ظلام الأمة العربية والإسلامية الحالك السواد. فهاهو العيد الرابع والعشرون للوحدة اليمنية هل علينا بعد أن حقق شعبنا اليمني العظيم وقيادته السياسية وقواه ومجاميعه السياسية والاجتماعية انتصارات متوالية ومتلاحقة في سماء الوطن الواحد الموحد حيث انطلقت باكورة التغيير الحضاري الشامل في كافة الاتجاهات بتفجير ثورة الشباب الشعبية السلمية الناجحة والتي ضغطت باتجاه الانتقال السياسي السلمي للسلطة وإيجاد الدولة المدنية الاتحادية الحديثة.. دولة النظام والقانون ودولة العمل المؤسسي التي ترعى الحقوق والحريات وتحطيم الفوارق والامتيازات الاجتماعية الهابطة بين أفراد الشعب عبر إجراء وتحقيق المواطنة المتساوية، وتأكيد العدالة الاجتماعية نحو إيجاد اليمن الجديد الذي تزدان فيه آدمية المواطن وكرامة الإنسان. فأربعة وعشرون عاماً ووحدتنا الوطنية المباركة باقية ومتأصلة في الأفئدة والنفوس إذ تزداد تجذراً يوماً بعد يوم وتتعاظم مساحات الوحدة في صفوف أبناء الشعب اليمني العظيم الذي يفاخر ويعتز بوحدته الغالية السامقة، ويتأهب للدفاع عنها بما أوتي من قوة ومن رباط الخيل، فالسواد الأعظم من أبناء شعبنا العظيم يهتفون للوحدة ويتغنون بها، وعلى رنين أنشودة الوحدة العصماء تسير حركة المجتمع اليمني الواحد الموحد، فهم الرعاة الحقيقيون للوحدة امتثالاً لقول الله سبحانه وتعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذا كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم) صوب الحفاظ على هذا المكسب الحيوي الهام والمنجز التاريخي الخالد الذي تباركه يد العناية الإلهية. ويأتي الاحتفاء والاحتفال بالعيد الرابع والعشرين للوحدة الوطنية متزامناً مع نجاح مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومخرجاته الرائعة التي أثلجت الصدور حيث تم وضع الحلول لتسع قضايا كانت تؤرق بال شعبنا اليمني ومنها قضية الوحدة حيث توافق المتحاورون على حلول ناجعة لهذه القضية كحل الفدرالية والأقاليم الستة التي ستعزز من وحدتنا الوطنية وستدفع باتجاه الحفاظ عليها وكتابة الخلود لها، فالوحدة الوطنية المباركة باقية ما بقيت السماوات والأرض، فنحن أهل إيمان وحكمة كما حكى عنا النبي والرسول الأعظم بقوله: «الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية» كما أننا أصحاب أفئدة رقيقة وقلوب لينة قال رسولنا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: (أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوباً) وهي صفات الاجتماع والتوحد ولم الشمل وتوحيد القلوب ومشابكة الأيادي في طريق واحد. ويداهم قلبي المرهف السعيد (بهذا الابتهاج) شعور قوي بأن وحدتنا الوطنية وهي في عنفوانها وشبابها قد تجاوزت كل المؤامرات والملمات والخطوب والمدلهمات، وأنها استطاعت أن تكسر عصا إبليس التي كانت تقود بعضاً منه المجاميع إلى بؤر تزييف الوعي الوحدوي وبالتالي رفض الوحدة.. المهم أن الجميع الآن عاد إلى صوابه بحلول الأقلمة حيث تعد أرقى صيغة من صيغ الوحدة، ففي سبيل الحفاظ على الوحدة سنبذل الغالي والنفيس، وسوف نعمل على وأد المؤامرات والدسائس في مهدها وسنكسر شوكة الباطل، وسوف نحمي الثغور، فالوطن عزيز وغالٍ علينا، ويجب علينا أن نحافظ على لحمته واجتماع كلمته في سبيل الانتصار لقيم الحق ومبادئ العدل والسلام والمحبة والوئام. فيا أبناء شعبنا اليمني العظيم هذه هي وحدتكم عضوا عليها بالنواجذ، واملأوا الوطن فرحاً بهذه الأيام الخالدة المباركة من تاريخ أمتنا اليمنية الواحدة الموحدة، وكونوا عند حسن الظن بكم مدافعين عن وحدتكم محبين لها، وابذلوا الغالي والنفيس من أجل أن يبقى الوطن موحداً خالٍياً من الغصص والأكدار حفاظاً على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي، مغلبين مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح ضيقة أنانية طائفية أو مذهبية أو حزبية أو مناطقية أو جهوية، حباً في هذا الوطن المعطاء الذي منحنا السعادة وأروى شجرة المحبة والوئام والتقدم والسلام، فطابت أيامكم وطابت أعيادكم ووحدتنا باقية وكل عام والجميع بألف ألف خير.