«إلى م. العمري» الحرية هي الأساس الوحيد لتعايش الناس بجوهرانية العقل والفكرة، كما أن الحرية فرض وخيار وجودي وإنساني لتوازن الكون؛ ودونها لا يمكن سوى أن يصير الناس مجرد حيوانات تأكل بعضها كما يحدث كثيراً في بلدان الصراعات المتخلّفة ونفي الآخر وما يحدث من إقصاء للآخر القريب والبعيد والاستبداد بالأقليات والأفراد وما يترسب في ثقافة الوعي داخل المجتمعات التي تزعم القيم، وتلهج كل يوم باسم الدين والأخلاق، فيما هي في الحقيقة مجتمعات متخلّفة تديرها سياسيات على قدر عقلها ووعيها، وكثيراً ما تكون طريقة تفكيرها انعكاساً لطبائع استبداد يومية يمارسها أفرادها تجاه بعضهم البعض. أقطف هنا ثلاث وردات في كلمات يمكنها أن تنال مذاق القارئ في سمة تعايشها وتوحّدها بالعالم بلا حدود بعيداً عن الضيق وهشاشة التحيزات. وردة أولى: لو تعلمين ما يدور الآن في صمت الورود، أنتِ تعلمين بالطبع وبالطبيعة لأنك الحديقة الأنثى، والكأس التي في الزهور، الرحيق في الظل، وفاكهة المساء المرتبكة تحت جِلدي، جفّفي ماءكِ المُرسل على كتفيَ، كما تبلّلين مطر اليدين، أيتها الشمعة ودمعة الضوء، وارتعاشه البرد على أنامل الدفء ونظرة الانتظار. وردة ثانية: أنتِ لا تتظاهرين بأي شيء لمجرد التظاهر، فلا مزايدات في الحب، ولا عراقيل القلب يحس بكِ، ليتنفس الهواء في رئتيك أسافر نحوكِ كلما أشعر بالضيق، كما تتفسح رياح في براح الجهات الواسعة، لتلامس الأشياء الجميلة من خلالكِ. وحدكِ الموسيقى العابرة للحدود والطفيليات، الموسيقى العذبة الأنيقة، الموسيقى التي تشيع السلام في الحروب، الموسيقى التي تجعل الأعصاب تُقبِّل عدُوّها، والكلب يعُضُ نفسه. وردة ثالثة: لا تستطيع الصخور تجاوز حدودها، ولا الطرقات التنكر لخطواتكِ، حتى لو لم تعبرين خضراء النوافذ، الدرب دونك لا وصول، الوصول دونك هاوية، الهاوية أن تغدو المتاهة عنواناً بلا عنوان لغد يصير أمساً ويوم يأتي، كعادة وقت الفائضين عن حاجة الوقت. [email protected]