لم تدرك بعض القوى السياسية في اليمن أن التركيز على الولاء الفئوي أو الطائفي أو المذهبي أو القبلي أو الحزبي أبرز أسباب انهيار الروح المعنوية في المؤسسة الدفاعية والأمنية, وكان همّها الوحيد هو التركيز على الولاء الضيق للجماعة المحدودة والمحصورة ظناً من تلك القوى أن ذلك سيمكّنها من الوصول إلى السلطة, وإذا وصلت إلى السلطة تعود إلى تغليب الولاء الوطني على الولاء الضيق, بمعنى أكثر تحديداً أن تلك القوى جعلت من تغليب الولاء الضيّق على الولاء الوطني الكلي وسيلة لتحقيق غاية الوصول إلى السلطة عبر الوسائل غير المشروعة, ولم تدرك خطورة ذلك إلا عندما وقعت في الكارثة وتسبّبت بالجملة في التأثير السلبي على الولاء الوطني الكلّي وحطّمت المعنويات في مختلف مؤسسات الدولة، الأمر الذي قاد إلى انهيار شبه كلّي في منظومة الولاء الوطني بسبب ذلك الغباء الفاحش والتقصير المتعمد في الحفاظ على مفهوم الولاء الوطني. إن تركيز الأحزاب والتنظيمات السياسية على الولاءات الضيقة قد ارتكب خطأً فادحاً وجسيماً في جسد الوحدة الوطنية عندما حاولت تجاوز مفهوم الولاء الوطني والتعدي السافر عليه وحاولت الكثير من القوى أن تسيء إساءة بالغة إلى مفهوم الولاء الوطني واعتبرت أن الولاء للجماعة أعظم من الولاء للوطن, وقد كشفنا في الفترة الماضية الكثير من التصرّفات ضد مفهوم الولاء الوطني وقلنا إنه بلغ حد الوصول إلى رفض تحية العلم واعتبر ذلك بعض الجماعات كفراً, كما ظهرت جماعة أخرى كانت تقول إن الوطن هو الذي يوفر لك الخبز والمسكن والملبس وانتشرت كتابات أن الوطن هو من يدفع أكثر.. وأذكر أنني اكتشفت مطبوعة للتوعية بأهمية الولاء الوطني تجسّد هذه المعاني الأكثر فتكاً في جسد الوحدة الوطنية وحذّرت وقتها من ذلك الاتجاه الخطير في تناول مفهوم الولاء الوطني, ولم أجد استجابة وطنية متكاملة في الحفاظ على مفهوم الولاء الوطني إلا من المؤتمر الشعبي العام الذي كان السبّاق لغرس مفهوم الولاء الوطني والدفاع عنه والذي مازال وسيظل كذلك محافظاً على الوطن. إن ما نشاهده اليوم من التخبّط في الشارع اليمني وحالة الصراع هو بسبب اختلال فاضح في مفهوم الولاء الوطني، الأمر الذي أحدث حالة التناقضات والتقلّبات غير المنطقية, ومن أجل ذلك أشدّد ولن أكل أو أمل من التأكيد عليه وهو ضرورة إعادة النظر لدى القوى السياسية في مفهوم الولاء الوطني.. ذلكم المبدأ الذي لاينسجم مع التبعية أياًَ كان شكلها أو نوعها وأن الولاء فيه لله ثم للوطن ولاتُبنى الدول القوية والقادرة والمقتدرة إلا بوحدة الولاء الوطني, وقد بات من الواضح اليوم أننا في أمسّ الحاجة إلى إعادة الاعتبار لمفهوم الولاء الوطني لإنقاذ اليمن بإذن الله.