(هؤلاء البائسون المعتوهون سوف يدمرون البلاد... أو القليل المتبقي منها) تشاكوا. اجتياحات القوة الشرهة، والموسومة بالتمدد الخالية من كوابح العقل والمنطق إشارة إلى سياسة الوصول إلى تدمير كل معاني الإنسانية. إنها رسالة الاجتثاث والانقلاب الإنساني بلغة الزناد وثقافة السلاح. في عُرف الشعوب الانصياع للحق قيم، والحفاظ على القيم شرف، وانكسار القيم - انكسار للشرف. باقتناع تام لدى الجميع إنه من الواجب، وفي الغالب محاربة الأدواء أو الحيلولة دونها من الانتشار والاستشراء، وأكثر الأدواء فتكاً (انعدام القيم) بمفهوم المعنى العام السائد والمعاش المؤثر على الحياة بمعمومها. الفجوة التي يتسرب منها نزيف القيم ناتج عن الاغترار بالقوة وامتلاكها، وفرض السيطرة معتمداً على تلك القوة التي أنشأها من وهمه (أي البقاء والديمومة والاستمرار). القوة التي طالما أدخلته من الباب الأمامي هي ذاتها تُخرج كل المغترين من الباب الخلفي إلا أن الأمر هنا سيان، فالدخول بوهم القوة المتسلطة يقود إلى الخروج محملاً بالخيبات. لا تُذكر الفترة الزمنية البسيطة إلا بذاكرة معتمة، وسريعاً ما يزول ذلك الوهم المتعالي على الحقيقة التي يجب أن تكون، ومما يُجانب الصواب تكرار تجارب الآخرين في الطريق الخطأ، واستغلال فترة القوة دون الحساب لقدوم فترة ضعف أو مرحلة انكشاف نهائي، وهذا ما يعرّض الواقع السياسي المتكرر في الأحزاب التي تعتمد على الخلفية العسكرية والنفوذ القبلي. لا تأسُف على (جماعة تبرير القوة) التي ساندت زمنية الاستنزاف الوطني واللعب بالمال العام، والمحاصصة في الثروة، واستغلال فقدان الوعي الشعبي في كشف حقائق ما يدور على رقعة الوطن. السياسة لا تحمي الأحزاب السياسية من أخطائها، والمحاولة لتبريرها عند الصدع بأوامرها لا يمكن إخفاؤه، ولهذا تبقى دائرة السياسة منغلقة على ما تُملي عليه. [email protected]