مُرَّ على النبي الكريم بجنازة فأثنى عليها القوم خيراً فقال: وجبت ثم مُرَّ عليه بأخرى فأُثني عليها شراً فقال: وجبت، فقيل يا رسول الله قلت لهذه وجبت ولتلك وجبت فقال: المؤمنون شهود الله في الأرض. كان الاغتيال الآثم للدكتور المتوكل حديث النُخب اليمنية، ففي صفحتي على الفيس بوك مثلاً والتي تحوي مجموعة كبيرة من الكُتّاب وأهل الرأي بانتماءات مختلفة يكادون يُجمعون على أن الاغتيال الآثم للدكتور المتوكل ما هو إلا محاولة جديدة لاغتيال حلم الوطن بالدولة الحديثة واغتيال للعقول المنتجة للأفكار التنويرية ليخلو الجو لمجانين الحروب وعشّاق الدماء ليمارسوا هوايتهم المفضلة في ذبح الوطن والإسراع بِنَا إلى مزابل التأريخ الأكثر قذارة ووحشية. من سنين طويلة والأذكياء في هذا الوطن الحزين يواجهون مصائر مختلفة إما القتل أو النفي أو السجن أو الإخفاء قسراً وهكذا كان الدكتور المتوكل، فقد كان كما يقول رفاقه واحداً من هذا الركب المناضل ينتمي حقاً لهذا الوطن الطاهر، يتفق مع الآخرين ويختلف معهم إلا أنه لم يكن يوماً داعية حرب أو انتقام. لا أدري لماذا يغتالون شخصاً عميقاً سياسياً ومعرفياً ك المتوكل؟، هل أرعبتهم كلماته ومؤلفاته وتاريخه النضالي عبر ما يقارب ثمانية عقود من عمره المبارك؟! هو كذلك لأنهم يموتون رعباً من الكلمة لأنها الوحيدة الكفيلة باقتلاعهم ولو على المدى البعيد. من يقتل دكتوراً جامعياً، مدنياً لحسابات مختلفة هو قد قتل سلفاً الإنسان الذي بداخله، من يقتلوننا باسمنا ليل نهار ما هم إلا مجموعة وحوش خانوا الوطن ودمّروا كل جميل فيه ومازالوا يدمّرون ومازال الصمت الخائن يطول ويطول. عزائي الكبير لآل المتوكل ولطلاب جامعة صنعاء ولكل الأكاديميين وللمناضلين وللحالمين بالدولة الحديثة، والعزاء كل العزاء لهذا اليمن الحزين، تقبّل الله الدكتور المتوكل في علّ-يين مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والشهداء والصديقين والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً. [email protected]