هكذا حين نحاول البحث عن الإنسانية نجدها بين النكران بحقوق الآخر الذي يتعارض بصورة أو بأخرى مع مصالحنا الذاتية المتجاوزة حدود الأنا بأنانية مفرطة عاجزة حتى عن ترك مجال لتنفس الآخرين ليبقوا على قيد الحياة، وبين الجحود بقداسة التعايش لأن قيمها لا تتلاءم مع أحقادنا الضيقة التي هي الأخرى لا تتسع لمعارض لفكرة أو مخالف لرأي. فانتهاك حق الحياة بالقتل والاغتيالات، وخلق بيئة الصراعات والمناكفات هو النتيجة المنطقية لمعطيات واقع تتنقل فيه الإنسانية بين سلبيين «النكران والجحود» تتلاشى هذه الحقيقة في بلد تنتج كل يوم عشرات المبرّرات لإثبات حجّية الحرب كمذهب يكفر به الضحايا الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بأن يكونوا أحد أطرافها في واقع لا تتوافر فيه خيارات بديلة تحمي إيمانه بعقيدة السلام وتمنح له حرية ممارسة طقوسه كإنسان مولود على فطرة المحبّة. وفي ظل تلاشي حقيقة كهذه تظهر كل هذه المبرّرات وكأنها محصّنة لعقولنا من أن نفكر في الكيفية التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه، ليحضر هنا اللا وعي بوقاحة مكتملة التسبيب ونتساءل: متى سنخرج من مرحلة العبثية..؟!. بقايا حبر الجهل الممنهج جعلنا لا ندرك حقيقة أن البشر حين يخرجون عن الكينونة الإنسانية المولودة على فطرة التعايش والسلام والقبول بالآخر؛ يتحوّلون إلى وحوش ويحوّلون الحياة إلى غابة يحيا فيها المتمسّك بقانون البقاء للأقوى ويسحق فيها ما دون ذلك بما فيهم العدالة. [email protected]