التحضيرات الذهنية الواقعية التي سبقت البحث عن «مريوم» المرشّحة للعلاج من داء الجنون بواسطة الكي؛ أفضت إلى فراغ، فلم يجدوا لها أثراً، بحثوا عنها في أروقة الحارة، وخلف المنازل، وتحت الحجارة، وفوق الأمواج، وعلى حواف الطرقات، وعند عتبات المنازل، وفي بيت سكنها القصديري البعيد، وفي قارب هودجها، وفي حظائر الحيوانات، ولم يجدوا لها أثراً. ازدادت حُمّى البحث عن مريوم المرشّحة لعلاج جنونها المجنون، فاندفع الغواصون صوب الأعماق البحرية، نابشين في محارات القعر علَّهم يجدونها، وبنفس الوتيرة تحرّك حملة الفؤوس والخناجر والمُدى يبحثون عنها بين أكوام الحجارة وبقايا الأخشاب البرية، وفي التلال الرملية، وفي مزارع النخيل، حتى إن البعض منهم افترض اختفاءها بين سعف النخيل، فكان عليهم تجريد النخيل من زينتها، وحلق رؤوس الأشجار البرية الساحلية؛ لكنهم وبالرغم من ذلك لم يجدوا لها أثراً. في ذات الوقت الذي استمرّت فيه طقوس التحضير لحفل الشواء والكي، كانوا واثقين أن مريوم لن تغيب طويلاً، وأنها قبيل الفجر ستكون حاضرة شاهدة، مرعوبة، ومنساقة جبراً إلى تلك اللحظة التي تتلاعب فيها أسياخ الكي الحارقة فوق فروة رأسها المجنون. بتوالي الساعات المسائية وحتى الفجر، كانت النيران المشتعلة قد خُمدت، والجمرات المتوهّجة قد استوت، والقضبان الحديدية قد احمرّت وتوهَّجت، لكن مريوم ظلّت غائبة مفقودة..!!. [email protected]