صوت مريوم الرخيم المموسق ببُحَّةٍ جنسية آسرة، يجعل الاستماع من وراء الجدار رافعة لما يتجاوز المشهد الذهني، حتى أن بعض المستمعات المحرومات من رفقة السرير الدافي تنتابهن “بارانويا” من نوع خاص، فيما يسمعن تأوهاتها المسائية الفادحة. تلك الحالة السريرية في قارب نومها المُهوْدج يفسر جوهر المحنة التي تعيشها مريوم .. ولعلها كانت متزوجة من رجل أحبته حتى الثمالة .. ولعله غادرها شارداً منها إلى مكان مجهول، كعادة الرجال في تلك الأيام .. ولعله عجز عن مجاراة شبقها الخُلاسي المشفوع بقوة جسدية لا نظير لها، فما كان عليه إلا أن يُبقي على ذاكرة الفحل الغائب الحاضر في قلبها المشتعل بالحنين، ولعله مات فجأة في مكان وزمان تختص به ولا يعرفه أحد غيرها .. بل قد يكون مات مقتولاً بيديها الناعمتين بسبب غيرة أُنثوية مجنونة. تلك احتمالات كثيرة دارت في أذهان مُفسري حالاتها المسائية الشَّبّقية .. لكن واحدة من تلك الفرضيات لا تصمد أمام الحقيقة البسيطة الواضحة كالشمس.. مريوم أُنثى جاءت من المجهول، وهي مجنونة بحسب النواميس والأعراف المجتمعية السائدة.. ثم إنها بلغت من الجنون حداً جعلها تعيش حياةً رثة .. تمشي في الشوارع دون هدف .. وتتعرض للشمس الحارقة في هجير الصيف.. وتقتات مما يجود به “حمد الطيب”، ولا تختلف في دورة حياتها اليومية عن أي قطة مُتشرِّدة في الحارة. اللافت للنظر أنها لم تكن تملك حزام عفة تقليدي تاريخي، كالذي كان قريناً لجدتها الأفريكانية .. فتلك الوسيلة البراغماتية للحفاظ على العذرية والطهارة الجنسية اختفت منذ زمن بعيد، ليحل محلها عذرية فولكلورية مُتروْحنة بالحرمان، وليصبح الحب العذري الموازي لتلك الحالة الماسوشية قيمة يفتخر بها المحرومون المفارقون لجوهر الحب ونواميسه الخارقة للعادة. [email protected] رابط المقال على فيس بوك رابط المقال على تويتر