يجمع علماء الدين و المذاهب الاسلامية على وجوب تسليم زكاة المال إلى الدولة كونها ولي أمر المسلمين حسب مانص عليه القرأن الكريم بقوله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ". الا أن تحصيل الدولة للزكاة في عصرنا الراهن يواجه كثير من الصعوبات بسبب عوامل عديدة أبرزها غياب الوعي وظهور فتاوى دنيوية الأهداف مخالفة للنص القرآني حسب مايقوله عدد من علماء الدين. ففي محافظة عمران كغيرها من المحافظات اليمنية ما يزال اللبس والاجتهادات هي السائدة بين اوساط الكثير من الملزمين بدفع الزكاة . ولايضاح الصورة القائمة التقينا عددا من المعنيين بدفع الزكاة. حيث يوضح رجل الأعمال منصور صالح العبدي أكد أنه ملتزم بدفع زكاة ماله إلى الدولة عبر مكاتب التحصيل لها وذلك لبراءة ذمته منها وتلافي أن يقع في تقصير إذا ما صرفها بنفسه لافتا إلى أن مسؤوليته تقتصر في تحديد المبلغ المحدد شرعا وهذا بحد ذاته يعود إلى أمانة وضمير الانسان وعلاقته مع الله. وأوضح العبدي انه يستند في دفعها للدولة إلى أحكام الشريعة الاسلامية وأن الدولة هي من تقرر الية تصريفها وفق ماتراه مناسبا للزمان والمكان والظروف الحياتية التي يمر بها الناس وما تمليه مصالحهم ناهيك أن دفعها لبيت المال يسهل عليه دفعها ويجنبه الوقوع في الوزر. ويقر تاجر الاقمشة حامد أحمد البحري بأنه لايقدم مبلغ زكاة أمواله كاملة للدولة وإنما يقدم جزءا منها فيما يقوم بتسليم ماتبقى منه بيده إلى الفقراء والذين يرى بأنهم محتاجين ومستحقين لها. وارجع البحري ذلك إلى عدم ثقته بالقائمين على الزكاة في منطقته، قائلا" إنهم عادة لايعطونه سندا بالمبلغ وإنما يأخذون المبالغ المستحقة عليه". ولفت إلى أنه يشعر عندما يسلمها بيده بأنه ضمن استحقاقها رغم ادراكه بأن فريضة تسليمها يجب أن تكون إلى بيت المال والقائمين عليها. أما تاجر المواد الغذائية عبادي عبدالله الملاحي فيقول انه يسلم ثلثي زكاة ماله للدولة والثلث الاخر يصرفه بيده كما تعود على ذلك منذ سنوات . وأرجع الملاحي ذلك إلى كونه يسير على نهج والده الراحل حيث أن أناس ممن يراهم حسب قوله من مستحقي الزكاة تعودوا على المجئ إلى مؤسسته وأخذ مبالغهم المحددة حسب طبيعة كل شخص وظروفه ولذا فإنه لايستطيع حرمانهم من تسلمها نظرا لما تعودوه منذ سنوات حياة والده. ولا يختلف الملاحي عن تاجر الجملة وقيم مسجد الجحين الحاج محمد الخبي..غير أن الأخير يقول أن ظروفا تدفعه لتقسيم زكاة أمواله بين الدولة والفقراء يدا بيد رغم أقراره بوجوب تسليمها كاملة للدولة وهي المعنية بتصريفها حسب ماتره وفقا لإحكام ونصوص الشريعة الاسلامية. وأشار إلى أن أهم اسباب تعذره عن دفعها كاملة للدولة هي في تدافع ذوي الاحتياج والناس بشكل كبير على الميسرين في شهر رمضان. وفي هذا الشأن أكد خطيب وإمام جامع السلام بمدينة عمران الداعية علي محمد قاسم الضلعي وجوب تأدية الزكاة كاملة لبيت المال وليس لغيرها تنفيذ لحكمة الامر الالهي والنص القرأني الصريح والواضح في قوله تعالى "خذ من أموالهم ...الخ". وقال ان كل مسلم شمله استحقاق دفع الزكاة حسب الحدود الشرعية المحددة لوجوب دفعها إلى بيت مال المسلمين أو من اختارته الدولة لتحصيلها تلافيا لسقوط ركن من أركان الاسلام وهو الركن الثالث الذي اقترن بأداء الصلاة في أكثر من 80 موضع في القرآن الكريم. واستند إلى أخذ الزكاة من أصحابها ولو عنوة إلى فعل الامر بقوله تعالى " خذ " وقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه " والله لومنعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله علية وسلم لقاتلتم عليه". وبين الضلعي أن منكر الدفع لها كافر بإجماع العلماء. وحول فوائد الزكاة والحكمة من دفع المسلم لها ،أوضح الداعية علي الضلعي أن الزكاة تعمل على إيجاد مجتمع متكافل ومتراحم ناهيك أنها تحفظ المال وتصونه وتباركه انطلاقا من قوله صلى الله وسلم "نمو أموالكم بالزكاة واحرسوها بالصدقة" وقوله "مامنع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالقحط والسنين ". من جانبه قال أستاذ التفسير وعلوم القرأن الكريم بكلية التربية بجامعة عمران الدكتور عبدالله مقبل الملاحي ان الاجماع يقع على وجوب دفع الزكاة لبيت المال وعلى الدولة تصريفها ضمن المصارف الثمانية التي حددها القرأن الكريم في الاية الكريمة " إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله...."(سورة التوبة). ولفت إلى أن حكم منكر دفع الزكاة هو الكفر اما المتكاسل عن دفعها فهو ظالم وجاحد وعلى الدولة أخذها بالقوة وعدم التهاون مطلقا مع مانع الزكاة باعتبار أن الزكاة زيادة في مال المسلم وليست من حقه بل من حق الله وحدة. وبين أن مسؤولية دافع الزكاة الدينية تنتهي بتسليمه الزكاة للقائمين عليها في بيت المال وليس عليه أي ذنب في حال لاسمح الله لم تصرفها الدولة أو صرفتها في مواضع أخرى غير مصارفها الشرعية باعتبار أن مسؤوليته انتهت وذمته برأت كونه نفذ حكما الهي بدفعها وحساب القائمين على الزكاة يكون على الله تعالى. وحول دفع الزكاة كاملة أو غير ذلك ووجود كثرة الفقراء في شهر رمضان الذين يترددون على التجار وأصحاب المحلات التجارية رأى الدكتور الملاحي ان لابأس أن يدفع ثلثي الزكاة للدولة وما تبقى يوزعه على الفقراء. وأستند الشيخ الملاحي بذلك إلى قول المصطفى (ص) عندما كان يرسل الخراج لجلب الزكاة بقوله " دعوا الثلث وإن لم تدعو الثلث فدعوا الربع"..غير أن الملاحي يرى أن الأولى هو دفعها كاملة للدولة. أما بخصوص المشاكل والصعوبات التي تواجه محصلوا الزكاة فقال مدير إدارة الواجبات الزكوية بمديرية عمران علي حمود الماخذي ان هناك تحريضا من قبل بعض خطباء المساجد ممن ينتمون لجهات حزبية على عدم دفع الزكاة للدولة ودفعها لجمعيات أو جهات معينة وهذا يمثل عثرة تعترض تحصيل أموال الزكاة نظرا لانجرار العوام من الناس إلى مثل هذه الدعوات. وقد رد خطيب وإمام جامع السلام علي الضلعي بالقول إن هذه الدعوات باطلة وتخالف نصوص القرأن الكريم ولاتستند إلى نص قرأني أو حديث صحيح وانما اجتهادات لمآرب أخرى باعتبار أن الشتات في تسليم هذه الزكاة هو مضيعة للمال وضياع فوائد الزكاة باعتبار أن بيت المال التابع الدولة هو الاضمن والاسلم ويوافق النصوص القرأنية وليس لأحد أن يفتي بغير ذلك أو يتحجج بتقصير الدولة لأنها المعنية وحدها والمقصر وحده يتحمل وزر تقصيره.