- ابوظبى ( سبأ ) .. ثلاثة ايام تفصل الامارات عن بداية عهد جديد من المشاركة السياسية ، وخوض غمار تجربة ينتظر ان تقدم نموذجا اماراتيا متميزا كتميز اهل الامارات في تقديم تجارب اخرى في مجالات الاقتصاد والثقافة والاجتماع. في السادس عشر من ديسمبر الجاري ستنطلق عملية الانتخابات الجزئية في الامارات لاختيار نصف اعضاء المجلس الوطني الاتحادي البالغ عددهم 40 عضوا فيما سيعين الحكام النصف الاخر ، وستستمر هذه العملية على مدى ثلاثة ايام لتنتهي يوم20 ديسمبر الجاري حيث سيكون الامارتيون قد انتخبوا 20 عضوا بانتظار ان يعين حكام الامارات ال 20 عضوا الاخرين ليجتمع المجلس الوطني الاتحادي في حلته الجديدة اوائل يناير المقبل . وتجري اللجنة الوطنية الاماراتية للانتخابات سلسلة من الاجرءات الاستعدادية لانجاح هذه العملية التي سيشارك فيها نحو 6689 مواطنا هم اعضاء الهيئة الانتخابية المعينة اصلا ، فقد سمحت اللجنة لبعض منظمات المجتمع المدني بالحضور الى لجان الاقتراع لكنها حددت مهتمهم بالمتابة وليس بالمراقبة. كما نفذت اللجنة تجربة استباقية لعملية الاقتراع لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي، في مقر مركز الانتخاب النموذجي "مركز المعارض" بمطار دبي. وتأتي هذه التجربة في إطار برنامج اللجنة القاضي بتنظيم عمل المشرفين على المراكز الانتخابية وتدريبهم على سير عملية الاقتراع، لضمان "عملية انتخابية سلسة ومنظمة تعكس الوجه الحضاري لدولة الإمارات"، حسب اللجنة. حيث جرب طلبة وعاملون في مراكز الاقتراع كافة مراحل عملية التصويت، والتي تبدأ بتقديم الناخب للوثيقة التعريفية المقبولة كجواز السفر أو بطاقة الهوية الصادرة من هيئة الإمارات للهوية، ثم يقوم الناخب باختيار المرشح أو المرشحة عن طريق التصويت الإلكتروني ومن ثم يقوم الناخب بطباعة اختياره ووضع ورقة التصويت في صندوق التصويت المخصص، لتنتهي بذلك عملية التصويت حيث تستغرق من 5 إلى 7 دقائق. وكان سبعة عشر مرشحاً ومرشحة، من أصل 456 مرشحاً، قد سحبوا ترشيحاتهم لانتخابات المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، المقررة بعد ثلاثة أيام وفق ما أعلنته اللجنة الوطنية للانتخابات. ويرى العديد من المراقبين ان ابرز مميزات المشهد الانتخابي الإماراتي، المقبل على تجربة انتخابية فريدة من نوعها ، هو أن المجتمع المحلي ربما يختلف عن غيره من المجتمعات الخليجية والعربية، فعلى الرغم من عدم وجود معارضة قوية، كما هو الحال في دول المنطقة الأخرى، أو حتى فعاليات سياسية لها حضورها الفعال تطالب بهذه الانتخابات والمشاركة الشعبية، فإن القرار كان حاضرا لرئيس الدولة، ولنقل مفاجئا في حينه، عندما عرض في عيد الدولة الرابع والثلاثين خطته المستقبلية للتحديث السياسي فيما يتعلق بالمشاركة السياسية في بلاده، وهو ما يعتبره المراقبون استباقا وتحضيرا لمراحل متقدمة. من المهم جدا أن تكون الدولة مستعدة هي وشعبها للمضي في مشاركة شعبية مستقلة وغير مفروضة، وهذا لا شك أمر يحسب للسلطات الاماراتية، وبالتأكيد سيحمله المواطنيون لحكومتهم التي اشركتهم في اتخاذ القرار، قبل أن تأتي المطالبة منهم، أو من غيرهم، كما هو حال كثير من الدول. ولو أخذنا حصرا سريعا للدول التي أسست لمشاركة شعبية وتوسيع ديمقراطيتها، فإن المطالبة الشعبية كانت محورا رئيسيا للقرار السياسي في إحداث هذه المشاركة، وهو ما كان مختلفا لدى القرار الاماراتي. ألامر الا خر الذي يستحق التأمل في التجربة الاماراتية هو ذلك التفاعل الواضح من قبل فئات المجتمع بأسره، وفي الامارات السبع في تجربته الوليدة، والذي أضحى حديث الشارع الاماراتي ضمنا ومضمونا، فالناس بدأوا يتفاعلون سريعا مع حدث لم يألفوه أصلا، ومع أن الطريقة التي سنتها أبوظبي هي الأولى من نوعها هيئة انتخابية مكونة من 6689 مواطنا تختار 20 نائبا في البرلمان إلا أن ذلك لا يمنع من أن (آلاف) الإماراتيين سيتوجهون لصناديق الاقتراع، لاختيار 20 من ممثليهم في المجلس الوطني المرتقب (البرلمان) في عملية ديمقراطية، وهو ما سينعكس على استيعاب كافة افراد المجتمع للعملية الانتخابية، وهو ما تسعى إليه السلطات الرسمية في فرض الايقاع التدريجي للثقافة الانتخابية، بحيث لا تتكرر سلبيات شهدتها مناطق أخرى بتغير 180 درجة نحو الإنتخابات الكاملة.