ابوبكر عبدالله .. عاد موضوع الدفاع المدني وإمكانياته في مواجهة الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية إلى الواجهة أخيرا غداة العودة القوية لمسلسل الكوارث الطبيعية فيما تتحدث التقارير الرسمية عن أن البلد يواجه مستوى مرتفعاً في مخاطر الكوارث الطبيعية.. ويأتي ذلك في ظل الغياب المؤسسي للدفاع المدني الذي قال نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية انه لا يحظى بالعناية من الدولة ويواجه مشكلات كبيرة . ومؤخرا فرضت قضية الدفاع المدني نفسها بقوة على مائدة البحث لدى الجهات الرسمية ومنها مجلس الشورى الذي عقد جلسات عديدة للبحث في واقع الدفاع المدني ودورة في تحقيق الأمن الوقائي الجماعي للمجتمع وما ينبغي اتخاذه من إجراءات عاجلة لتعزيز قدرات وإمكانيات الدفاع المدني في مواجهة الكوارث الطبيعية . وثمة مؤشرات كثيرة تؤكد وقوع اليمن في دائرة الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية وعدم وجود مؤسسة خاصة بالدفاع المدني وافتقار إدارة الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية إلى الإمكانيات اللازمة لمواجهة الكوارث في الوقت الذي تتزايد عليها الأعباء جراء التوسع العمراني للتجمعات الحضرية الرئيسية والثانوية وللتجمعات الريفية فضلاً عن النمو المضطرد في القطاعات والأنشطة الإنتاجية الصناعية والزراعية والأنشطة الخدمية، والتوسع الهائل في قطاع البنية التحتية من طرقات وموانئ ومطارات. وتؤكد التقارير الرسمية أن اليمن ليس في منأى عن وقوع كوارث طبيعية كانت أم تكنولوجية بسبب موقعها الجغرافي والجيوستراتيجي المتميز بتواجده بمناطق معرضة للأخطار في الوقت الذي يعاني فيه الدفاع المدني من نقص شديد جداً في الإمكانيات والآليات والتجهيزات والمعدات الضرورية والكوادر المتخصصة في مجال الدفاع المدني . مسلسل كوارث وطبقا لتقرير صادر عن مجلس الشورى فقد كانت اليمن خلال السنوات الماضية عرضة للعديد من الكوارث الطبيعية ومنها حادثة الزلزال التي وقعت في عام 1941م في صعده بمنطقة رازح وحادثة الزلزال الثانية التي وقعت في ذمار العام 1982م والكارثة الأخيرة حادثة الانهيار الصخري الذي وقع في قرية الظفير بمنطقة بني مطر محافظة صنعاء فضلاً عن النشاطات الزلزالية والبركانية التي سجلت أعلى معدل لها خلال السنوات الأخيرة وبلغت مستوى الذروة في العام الماضي 2005 بتسجيل حوالي 2000 هزة أرضية خفيفة في بر البلاد ومياهها الإقليمية . وإلى جانب الكوارث الطبيعية تتحدث التقارير عن شكل آخر من الكوارث تمثله الحوادث المرورية التي تؤدي إلى وفاة الآلاف سنويا إلى جانب كوارث الحرائق والتي سجلت خلال العام 2004م أعلى معدل لها بلغ 382 حادثة حريق كان من بين أسبابها البناء العشوائي والإهمال وتسرب الغاز . مستوى مرتفع من الكوارث وتجمع العديد من التقارير أن اليمن يواجه مستوى مرتفعاً في مخاطر الكوارث الطبيعية وغير الطبيعية ما يفرض على الحكومة والدولة الوقوف بجدية في مواجهة المهددات المحتملة للكوارث الطبيعية والعامة من خلال دعم وتطور من الدفاع المدني لتعزيز قدراته في مواجهة الكوارث عند وقوعها بكفاءة ومهارة . لكن المشكلة القائمة بحسب المهتمين تكمن في عدم وجود مؤسسة خاصة معنية بالدفاع المدني حيث توكل هذه المهام لإدارة الدفاع المدني التابعة لوزارة الداخلية وإدارة مواجهة الكوارث التي تم إنشاؤها بالتعاون مع الأمم المتحدة . ويتم التعاطي مع الكوارث الطبيعية بناء على القرار الجمهوري الصادر في أبريل 1997 الخاص بإنشاء مجلس الدفاع المدني في رسم السياسة العامة للدولة في مجال الدفاع المدني والذي نصت المادة الثالثة منه على تكليف وزير الداخلية تشكيل المجلس من وزارات الصحة والكهرباء والمياه والمواصلات والتجارة والنقل والمالية والنفط والتربية والتعليم والعدل إضافة إلى نائب رئاسة هيئة الأركان ومدير عام الدفاع المدني. وطبقا لتأكيدات الدكتور رشاد العليمي وزير الداخلية فإن الحكومة بذلت جهودا كبيرة في سبيل تطوير الدفاع المدني والارتقاء بأدائه من خلال توفير الآليات والمعدات والإسناد الفني لجهود الإدارة العامة للدفاع المدني ومن ذلك تقسيم أمانة العاصمة إلى عدة مناطق وإنشاء وحدات خاصة بالدفاع المدني في كل منطقة والتوجه نحو إنشاء وحدات الكوارث في مختلف محافظات ومديريات الجمهورية فضلا عن التجهيزات الخاصة بوحدة الكوارث ورفع مستوى التنسيق مع الجهات ذات العلاقة في إطار تفعيل دور هذه الوحدة للقيام بمهمتها على أكمل وجه. ورغم ذلك فإن الدولة بحسب العليمي لا تزال مقصرة في دعم الدفاع المدني فضلا عن وجود الكثير من المشكلات التي تعيق عمل الدفاع المدني ومنها البناء العشوائي في التجمعات السكانية في المدن وعدم وجود ملاجئ مخصصة لمواجهة الطوارئ والكوارث فضلا عن عدم أهتمام مؤسسات القطاع الخاص بتوفير معدات الدفاع المدني وعدم اهتمامها في التقليل من مخاطرها . ويوضح العليمي أن المصفوفة القانونية فيما يخص الدفاع المدني مكتملة ومن أحسن القوانين واللوائح غير أن المشكلة تكمن في عدم تطبيقها وتنفيذها. جهود محدودة على خلاف ما يراه المسؤولون في الحكومة ثمة من يعتقد أن الإدارات العاملة في مجال الدفاع المدني غير فاعلة وتعاني من غياب الإمكانيات الصلاحيات .. ويقول الدكتور قاسم سلام عضو مجلس الشورى أن الحديث عن الدفاع المدني يدور عن مؤسسة غير موجودة بشكلها وهيكلها المؤسسي الحديث .. وينبغي أن يكون هناك مؤسسة للدفاع المدني بإمكانات مادية وبشرية متطورة من خلال تدريب المجندين وتأهيلهم ورفد الدفاع المدني بالمستلزمات والآليات المتطورة والحديثة لضمان تواصلها آلياً ودون انقطاع بمختلف مناطق الجمهورية. . ويرى حسين المسوري عضو مجلس الشورى أن التشريعات فيما يخص الدفاع المدني في اليمن مكتملة والمشكلة في الإمكانات التي يجب أن يكون لها مصادر تمويل متعددة واعتماد في ميزانية الدولة . ويؤكد المسوري أهمية أن يكون هناك صندوق لدعم الدفاع المدني للمساعدة في إيجاد نظام دفاع مدني قادر على تأدية دوره .. كما أن هناك حاجة إلى إعادة النظر في هيكلية الممثلين في المجلس الوطني للدفاع المدني وذلك لأن الهيكلية تتضمن وزراء وهم غير مستقرين ولهم ارتباطات كثيرة والكارثة ليس لها زمن أو وقت محدد. ويعتقد الكثير من المهتمين أن هناك أهمية قصوى لتهيئة الظروف المناسبة لجهاز الدفاع المدني لتمكينه من أداء دوره وتعزيز كفاءته وقدرته على التدخل المبكر واحتواء الآثار المترتبة على الكوارث الطبيعية من خلال إنجاز مشروع تحويل وحدة الدفاع المدني إلى مصلحة لها ميزانيتها وإمكاناتها الخاصة واعتماداتها الخاصة في الموازنة العامة للدولة . وثمة من يدعو إلى ضرورة وجود جهد مشترك رسمي وشعبي وإلى مستوى فعال من التنسيق بين الوزارات والجهات التي حددها القانون لمواجهة المهددات المحتملة للكوارث الطبيعية كما هناك حاجة إلى تعزيز البنية التحتية المادية للجهاز المعني بالدفاع المدني وفي التشريعات المنظمة لنشاطاته والمحددة لصلاحياته ولعلاقة التنسيق والتكامل بينه وبين مختلف الجهات الرسمية تعزيز التعاون مع جهاز الدفاع المدني بالتطوع المجتمعي لضمان الحد الأدنى من الإجراءات الطبيعية لمواجهة الكوارث المحتملة.