توطئة: .. هذه الكلمة من أصل إغريقي وتعني: الكشف عن المستور والبداية الجديدة. هذا عنوان آخر أفلام المخرج والممثل الفنان الشامل »ميل جيبسون« الذي ملأ الدنيا وشغل الناس خلال السنوات الأخيرة، وخاصة في سنوات ما بعد أحداث سبتمبر واستتباعاتها الباهظة على ذاكرة البشرية السوية، فقد خاض ميل جيبسون غمار التصدي المنهجي لثقافة العنف والإلغاء والمُصادرة، وقدم من شواهد التاريخ أدلة قاطعة مانعة على فلسفة الصراع بين الخير والشر، وكانت أفلامه الكبيرة »الوطني« و«آلام المسيح« بمثابة شهادات دامغة ضد مؤسسات العنف والفساد والمُصادرة، وهو الأمر الذي جعل جيبسون تحت دائرة المطاردة الدائمة من قبل اليمين المتوحش، والأيديولوجيين الإنجيليين، والصهاينة المتعصبين!.الفنان/ميل جيبسون، نموذج مغاير لمألوف السينمائيين الهوليووديين الخاضعين لأساطين المال والإعلام العالمي، واللاهثين وراء الملايين على حساب الحقيقة والحق. والشاهد أن هوليوود أسهمت إلى حد كبير في تخريب ثقافة العالم من خلال إنتاجها السينمائي الكبير الذي دأب على تشويه الشعوب، وعمْلقت اليانكي، والإساءة إلى الملونين أينما كانوا، والترويج للسوبرمان الأمريكي، والعقلية الاستثناء للبيض الأقحاح. فالحرب العالمية الثانية حُسمت بحصار »نورماندي« الأمريكي لا العسكرية السوفيتية التي حطمت أُسطورة النازي الذي لا يُقهر، وحمت البشرية من شرور التعصب القومي النازي والفاشي، والعرب في التاريخ ليسوا إلا جماعة همجية طارئةً على الحضارة مثلهم مثل مغول جانكيزخان، وقبائل حنّابعل!!، والهنود الحمر قبائل من الحمقى البدائيين الذين يرفضون الحضارة، ولهذا يستحقون الإبادة!!، والأفارقة السود قطيع من أنصاف البشر عقلاً وسلوكاً، ولهذا فإن مكانهم الطبيعي حراثة الحقول بالسخرة والسكن في زرائب الحيوانات!!، والروس أُمة من الأجلاف الذين يعتمدون القوة المجردة دون العقل!!، والشعوب »الهند صينية« نوع غامض من البشر يعيش في ذاته ولذاته ولا علاقة لهم بالتفاعل مع البشرية!!.هكذا صوّرت هوليوود العالم، بمنطق مركزي مُتهافت ومُخاتل، وأرادت تلك السينما أن تقول لنا: لا تستقيم الحضارة دون الدماء الزرقاء النبيلة. بل إن بعض منظري هذه العنصرية الوقحة لا يتورعون من التصريح بذلك إلى يومنا هذا.ميل جيبسون رفض كل ذلك وقال أمراً مغايراً، وقلب ظهر المجن لثقافة المركزية السوبرمانية التي تريد أن تكتب التاريخ والجغرافيا بمنطقها ومنهجها المُتهافت، وأخرج آخر أفلامه المعروضة تعبيراً عن كل ذلك، مما سنأتي عليه تباعاً.